والعبيد والجوار جانبا؛ فلما كثر الموت فى المماليك صنع السلطان ثلاثين نعشا برسم من يموت بالقلعة، وحصل بذلك النفع. - وفيه توفى أينال الفقيه الحسنى الظاهرى جقمق، أحد الأمراء الطبلخانات والحاجب الثانى، وكان دينا خيرا لا بأس به. - وفيه وقعت نادرة غريبة وهو أن شخصا من مماليك السلطان مات، فغسل وكفن (١) ووضع فى نعشه وحمل ليدفن، فبينما هو فى أثناء الطريق اضطرب وتحرّك فى أكفانه، فوضع على الأرض وحلّوا أكفانه، فاستوى جالسا، وعاش بعد ذلك مدّة. - وفيه توفى العزّى عبد العزيز بن البرهان إبراهيم، وكان من مشاهير الناس لا بأس به، مات مطعونا.
ومن الحوادث فى هذا الشهر أن الصوفية التى بالخانقاة البيبرسية، ثاروا على شيخهم الشيخ جلال الدين الأسيوطى، وكادوا أن يقتلوه، ثم حملوه بأثوابه ورموه فى الفسقية، وجرى بسبب ذلك أمور يطول شرحها، وكان طومان باى الدوادار محطّا عليه، فلما تسلطن فيما بعد اختفى الشيخ جلال الدين فى مدّة سلطنته، حتى كان من أمره ما سنذكره فى موضعه. - وفيه أخلع على ماماى جوشن وقرّر فى الحجوبية الثانية. - وفيه تعامل الناس بالفلوس الجدد معاددة، وبطل أمر وزنهم بالميزان.
وفيه تزايد شرّ المماليك الجلبان، وجاروا على الناس بخطف القماش من الدكاكين والبضائع من الأسواق، وصاروا يستخفّون بالسلطان والأمراء، حتى قيل إن بعض المماليك كان راكبا على فرس حرون، فصادف جنازة فى وجهه، فجفل منها فرس ذلك المملوك، فسقط إلى الأرض، فخرج خلقه وهاش على الحمالين الذين حاملين الميت، فلما عاينوا ذلك هربوا وألقوا الميت على الأرض، فلما هربوا أخذ الدبوس ووقع فى الميت فضربه به حتى اشتفى، وصار الميت ملقى على الأرض لم يدفن إلى آخر النهار، وقيل جرت هذه الواقعة فى سويقة صفيّة، وصار الطعن عمّال والمماليك جائرة فى حقّ الناس بالأذى، حتى قلت فى ذلك هذه المداعبة، وهو قولى: