للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقتل فى هذه المعركة جماعة من الخاصكية، وقد همّوا بقتل السلطان لولا أنه اختفى، ثم نزلوا بجثة أبى يزيد على حمار، وتوجّهوا بها إلى داره ليغسلوه ويدفنوه.

ثم نزل جماعة من المماليك ونهبوا بعض أماكن الأمراء الذين (١) من حلف آقبردى، ونهبوا بيت الناصرى محمد بن خاص بك، كونه كان صهر آقبردى الدوادار؛ فلما بلغ الأتابكى أزبك ما جرى طلع إلى القلعة، واجتمع بالسلطان ولامه على هذه الأفعال الشنيعة التى بتصدر (٢) منه، فلم يلتفت إلى كلامه، ثم نزل الأتابكى أزبك إلى داره، وقد خمدت هذه الفتنة قليلا، وكان ذلك يوم الخميس حادى عشرين ربيع الآخر.

وفى جمادى الأولى وقع من الملك الناصر غاية القبح فى حق الأمراء المقدّمين، بأشياء ما سبقه إليها أحد من السلاطين، وهو أنه أضاف لكل أمير مقدّم

ثلاثين مملوكا من المماليك الأجلاب، يأخذون من إقطاعه فى كل سنة عشرة الاف درهم لكل مملوك، وأضاف إلى أمير كبير أزبك أربعين مملوكا، كل مملوك يأخذ من إقطاعه فى كل سنة عشرة آلاف درهم، وأضاف لكل أمير طبلخانات عشرة من المماليك يأخذون من إقطاعه على حكم ما تقدّم، وأضاف لكل أمير عشرة خمسة من المماليك، على حكم ما شرح من ذلك؛ فحصل من المماليك فى حقّ الأمراء ما لا خير فيه، وصاروا يدخلون بيوت الأمراء وهم راكبون، ويشوّشون على مباشرينهم (٣) بالضرب والسبّ، حتى يأخذوا (٤) منهم ما قرر لهم، فأضرّ ذلك بحال الأمراء وما طاقوا ذلك، ولكن لم يخرج من أيديهم شئ بسبب اضطراب الأحوال فى تلك الأيام، فكان كما يقال:

اخضع لقرد السوء فى زمانه … وداره ما دام فى سلطانه

وفيه أمر السلطان بهدم كنيسة ليهود فى دموة، فتوجّه إلى هناك بنفسه


(١) الذين: الذى.
(٢) بتصدر: كذا فى الأصل.
(٣) مباشرينهم: كذا فى الأصل.
(٤) يأخذوا: يأخذون.