قايتباى، فدفن الأتابكى تمراز على الأشرف داخل القبّة، ودفن كرتباى ابن عمّة السلطان على جانم قريب السلطان، الذى كان ناظر الجوالى مقدّم ألف.
وكان الأتابكى تمراز أميرا جليلا معظّما، دينا خيرا كثير البرّ والصدقات، محبّبا للناس، جميل الهيئة، وله آثار ومعروف، ولا سيما ما فعله فى الجسور التى صنعها بالغربية وهو كاشف التراب بالغربية، وهى باقية إلى الآن، وحصل بها غاية النفع للمسلمين، وكان أصل الأتابكى تمراز من مماليك الأشرف برسباى، وأعتقه وأخرج له خيلا وقماشا، وصار من جملة الجمدارية، ثم بقى خاصكيا ساقى فى دولة الأشرف أينال، ثم أنعم عليه بأمرة العشرة وصار عنده من المقرّبين، ثم نفى إلى دمياط فى دولة الظاهر خشقدم، ثم حضر إلى القاهرة فى دولة الظاهر تمر بغا، ثم ظهر أنه ابن أخت الأشرف قايتباى، فلما تسلطن جعله مقدّم ألف، ثم بقى رأس نوبة النوب، ثم بقى أمير سلاح، ثم بقى أتابك العسكر، عوضا عن أزبك من ططخ لما نفى إلى مكة كما تقدّم، ولما مات رثيته بهذه الأبيات، وهو قولى مع التضمين:
أرغمت يا دهر أنوف الورى … بقتل تمراز ويتم العباد
أتابك العسكر ذا رأفة … بالجود قد شاع لأقصى البلاد
أخطأت يا قاتله كيف قد … قتلت من يقمع أهل العناد
مصيبة جلّت فمن أجلها … قد أطلقت فى كل قلب زناد
لكن فى قتله أسوة … إلى الحسين بن علىّ الجواد
مذ أودعوه الرمس ما أنصفوا … بل كان يحيى (١) فى صميم الفؤاد
فالله يأجره على ما جرى … من قتله بالعفو يوم المعاد
ومات الأتابكى تمراز وهو عشر الثمانين، وكان ليّن الجانب، قليل الأذى، واسطة خير، وما كان يظن كل أحد أن السلطنة تفوته، وقد ترشّح أمره إليها غير ما مرّة، وكان إذا سأله أحد فى حاجة يقول له: اصبر علينا حتى يجئ وقته، وكان متطمّعا بالسلطنة فخابت فيه الظنون، وجاء الأمر بخلاف ما أمّله أن يكون،