للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدوادار عند المدرسة البندقدارية، وكان موعّكا فى جسده فلم يشعر بكسرة آقبردى، فلما أراد آقبردى أن يفرّ أرسل خلف الأتابكى تمراز وأعلمه بما جرى، وقصد يأخذه معه، فأبطأ عليه، وخشى آقبردى من المماليك الجلبان أن يهجموا عليه ويقتلوه، فأسرع فى الخروج من داره وترك الأتابكى تمراز فى البيت ومضى.

ثم إن الأتابكى تمراز لبس قماشه وركب وخرج من البيت الذى كان به، فلما وصل إلى بيت تانى بك قرا لاقاه جماعة من المماليك الجلبان، فقبضوا عليه وقصدوا قتله، فأدخلوه إلى بيت تانى بك قرا، ثم بدا لهم أن يطلعوا به إلى القلعة، فلما خرجوا به من بيت تافى بك قرا ومشى إلى رأس الصليبة عند السكاكينيين، لاقاه طائفة من المماليك الجلبان (١) غير هؤلاء، فقنطروه من على فرسه، فوقع إلى الأرض، فطلعوا به على دكان لبعض السيوفية الذى هناك، فنزعوا أثوابه من عليه وحزّوا رأسه على الدكان بالسيف فلم تنقطع، فكسروها حتى تخلّصت عن جثته.

وكان الذى قتله شخص من المماليك، ويقال إن الذى قتل الأتابكى تمراز كان أصله من مماليك الأشرف قايتباى، يقال له برد بك عجوز، وهو من أراذل المماليك القايتبيهية، وما زالت الأيام تبدى العجائب، يسمّى برد بك الأشقر، ثم أخذ رأسه ولفّها فى فوطة وطلع بها إلى القلعة، فلما عرضت على الملك الناصر شقّ عليه ذلك، لكونه كان قرابة أبيه الأشرف قايتباى، ثم إن بعض جماعة الأتابكى تمراز أحضر له نعشا وأخذ فيه جثته وتوجّه بها إلى مكان بالقرب من بيت تغرى بردى الأستادار فغسلوه هناك.

ثم إن السلطان أرسل رأس الأتابكى تمراز، وأرسل معها ثوبين بعلبكى وثلاثين دينارا، فخيّطوا رأسه على جثته وغسلوه؛ ثم أحضروا جثة كرتباى ابن عمّة السلطان الذى قتل فى مدرسة السلطان حسن، فغسلوه أيضا مع الأتابكى تمراز وأخرجوهما فى يوم واحد، فصلّوا عليهما فى مصلّة (٢) باب الوزير، ثم توجّهوا بهما إلى تربة الأشرف


(١) الجلبان: أضاف بعدها فى ف: الفواقة، أى الذين «فوق» فى القلعة.
(٢) مصلة، يعنى مصلى.