للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخليفة، وتلقّب بالأشرف، واجتمع عنده سائر الأمراء المقدّمين، من الظاهرية والقايتبيهيّة، وسائر العسكر من كبير وصغير، وقبّلوا له الأرض قاطبة، فأورثه الله تعالى الخذلان، وانتصر عليه الملك الناصر، وكان قد استخفّ به (١)، فكان كما يقال فى المعنى:

ولا تحقرنّ صغيرا رماك … وإن كان فى ساعديه قصر

فإن السيوف تحزّ الرقاب … وتعجز عما تنال الإبر

وقال آخر:

ولا تحتقر كيد الصغير فربما … تموت الأفاعى من سموم العقارب

وقيل:

لا تحقرنّ صغيرا فى مخاصمة … إن الذبابة تدمى مقلة الأسد

فلما كان يوم السبت مستهلّ جمادى الآخرة، طلع الخليفة إلى القلعة وقضاة القضاة يهنّون السلطان بالشهر، وبهذه النصرة التى حصلت له، ثم إن الخليفة أعاد الملك الناصر إلى السلطنة وبايعه ثانيا، وكان خلع من السلطنة، وأقام ثلاثة أيام إلى أن عاد إليها؛ وقيل إن الملك الناصر رشد فى ذلك اليوم، وثبت رشده، وأباحوا له التصرّف فى المملكة بما يختار، ثم إنه أخلع على الخليفة ونزل إلى داره.

وضربت البشائر بالقلعة، وتخلّق جماعة السلطان بالزعفران، وفرّق على الخاصكية سلاريات حرير أصفر بسنجاب (٢)، وتوشّحوا بالبنود الحرير الأصفر؛ ثم فى ذلك اليوم رسم السلطان بالإفراج عن الأتابكى تمراز الشمسى، وتانى بك قرا، فتوجّه بالمراسيم إلى ثغر الإسكندرية مغلباى الشريفى، وهو الآن الزردكاش الكبير، وكتب السلطان أيضا مراسيم إلى آقبردى الدوادار بالحضور، فتوجّه إليه جانباى.

وفى ذلك اليوم أخلع السلطان على أينال السلحدار، وقرّره فى ولاية القاهرة، عوضا عن مصرباى الثور بحكم اختفائه؛ وصرف عن نظر الجيش عبد القادر القصروى،


(١) استخف به: أضيف بعدها فى ف: لصغر سنه وقلة عصبته.
(٢) بسنجاب: كذا فى ف، وفى الأصل: بسزاب.