للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالدعاء من الخاص والعام؛ وأخلع على شخص يقال له جانم، أخو قانصوه الألفى (١)، وقرّر فى ولاية القاهرة؛ وكان قانصوه خمسمائة محببا للناس قاطبة بخلاف آقبردى الدوادار، فلما لم يبق سوى أن يفيض عليه شعار الملك، ويركب فرس النوبة، وتحمل على رأسه القبة والطير، ويصعد إلى القصر ويجلس على سرير الملك، فوقع من بعد ذلك العجائب والغرائب، كما يقال:

ستقضى لنا الأيام غير الذى غدت … ويحدث من بعد الأمور أمور

ثم إن قانصوه خمسمائة بعث بعض الأمراء إلى القلعة، بأن يقبض على الملك الناصر، ويدخله إلى قاعة البحرة، ويأخذ منه الترس والنمجاة، فتعصّب له جماعة من مماليك أبيه كانوا بالقلعة (٢)، نحو من ألف مملوك، وكان رأس الجلبان قانصوه خال [الملك الناصر، فمنعوه من دخول قاعة البحرة ومن] (٣) إعطائه الترس والنمجاة، ولم يكن عند الناصر من الأمراء أحد، فقام خاله قانصوه فى محاربة قانصوه خمسمائة أشدّ القيام، وقاتل هو والجلبان قتال الموت، فملكوا فى ذلك اليوم رأس المصوّة وسلم المدرج والطبلخاناه، وعمد قانصوه خال السلطان إلى الزردخاناه وأخرج ما بها من زرديات وخوذ وقسىّ ونشاب، ففرّقها على المماليك الجلبان.

وكان البدرى حسن بن الطولونى بايتا بالقلعة، فأحضر النجارين والحجارين، فعملوا أشياء كثيرة من الطوارق والمدافع، وكان عند الملك الناصر عدّة وافرة من العبيد، ما بين نفطية ورماة بالبندق الرصاص، فحاصروا قانصوه خمسمائة وهو بباب السلسلة أشدّ المحاصرة؛ ثم إن كرتباى الأحمر توجّه خلف القلعة، ونصب مكحلة على الجبل المقطم تجاه القلعة، وأرمى بها على الحوش السلطانى، فلم يفد من ذلك شئ؛ ثم إن قانصوه خمسمائة نادى فى القاهرة بأن أولاد الناس النفطية يطلعون إلى باب السلسلة، ويباتون بها، فلم يطلع إليه أحد منهم؛ فاستمرّ قانصوه خمسمائة فى


(١) أخو قانصوه الألفى: نقلا عن ف، وتنقص فى الأصل.
(٢) كانوا بالقلعة: فى ف: الذى كانوا بالطباق وجمدارية وكتابية.
(٣) الملك الناصر … البحرة ومن: نقلا عن ف، وينقص فى الأصل.