السباع، ويقبّلوا يده، فتوجّهوا إلى هناك وقبّلوا يد الأتابكى قانصوه خمسمائة، ورجعوا إلى بيوتهم.
فلما كان آخر النهار من ذلك اليوم أرسل الأتابكى قانصوه خلفهم، وزعم أنه يضيّفهم ويمدّ لهم مدّة، فحضر إليه شاد بك أخوخ، وأينال الخسيف، وقانم قريب السلطان، ولم يحضر صحبهم جانم مصبغة، وكان صاحب رأى؛ فلما اجتمعوا عند الأتابكى قانصوه طاولهم بالكلام، ثم أحضر لهم سفرة الشراب فشربوا، ولم يجلس معهم شاد بك، ثم فتحوا بينهم باب العتاب، واستمرّوا على ذلك حتى نصف الليل، فلم يشعروا إلا وقد دخل عليهم مصرباى الثور والى القاهرة، فقبض على الثلاثة وتوجّه بهم نحو الجزيرة الوسطى، فقيل إنهم غرّقوا هناك وكان آخر العهد بهم، وقد قيل فى المعنى:
لما رأيت الغدر منهم بدا … والبغض من أعينهم لى يلوح
فقلت للقلب ارتجع عنهم … ما قصدهم منك سوى أخذ روح
فلما كان يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء ثامن عشرينه صلّى الأتابكى قانصوه العشاء، وركب بمن معه من الأمراء والعسكر، فهجم وملك باب السلسلة، وكان خشداشه قانصوه الألفى أمير آخور كبير، فما أحوجه يدقّ باب ولا ينتظر الجواب. - فلما كان يوم الأربعاء صبيحة تلك الليلة جلس الأتابكى قانصوه خمسمائة فى الحراقة التى بباب السلسلة، وأرسل خلف أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز، فحضر، وحضر القضاة الأربعة، واجتمع عنده أربعة عشر مقدّم ألف، والعسكر قاطبة، من أمير وجندى.
فلما تكامل المجلس مشوا مع الخليفة فى خلع الملك الناصر وسلطنة قانصوه خمسمائة، فخلع الناصر من السلطنة بصورة شرعية، وكتب بذلك صفة محضر، وشهد فيه جماعة كثيرة، وبويع قانصوه خمسمائة بالسلطنة، وتلقّب بالأشرف أبى النصر، على لقب أستاذه الأشرف قايتباى، فلما تمت مبايعته قبّل له الأمراء الأرض والعسكر قاطبة، ونودى باسمه فى القاهرة، وارتفعت له الأصوات