وفيه دخل الحاج إلى القاهرة، وقد نفى تانى بك قرا من عجرود، فلما دخل المحمل طلبه السلطان إلى عنده بالقلعة ليراه، ولم يكن رآه قبل ذلك قط. - وفيه أنعم السلطان بتقدمة تانى بك قرا على قيت الرجبى. - ومن جملة طيشان الملك الناصر أنه خرج إلى صلاة الجمعة وهو بغير كلفتاة (١) بل بتخفيفة صغيرة، فشقّ ذلك على الأمراء وأعابوا عليه هذه الفعلة.
وفى صفر أخلع السلطان على قانصوه الشامى، الذى كان نائب حماة، وقرّره فى الرأس نوبة الكبرى، عوضا عن تانى بك قرا بحكم نفيه إلى الإسكندرية، لما بقى أمير مجلس ونفى. - وفيه قرّر فى مشيخة تربة الأمير يشبك من مهدى الدوادار الشيخ أبو النجا الفوّى الواعظ، وكان من أهل الفضل.
ومن الحوادث أن الخليفة المتوكل على الله عبد العزيز، عهد للشيخ جلال الدين الأسيوطى بوظيفة لم يسمع بها قط، وهو أنه جعله على سائر القضاة قاضيا كبيرا، يولّى منهم من شاء ويعزل من شاء، مطلقا فى سائر ممالك الإسلام، وهذه الوظيفة لم يليها قط سوى القاضى تاج الدين بن بنت الأعز فى دولة بنى أيوب؛ فلما بلغ القضاة ذلك شقّ عليهم، واستخفّوا عقل الخليفة على ذلك، وقالوا: ليس للخليفة مع وجود السلطان حلّ ولا ربط ولا ولاية ولا عزل؛ ولكن الخليفة استخفّ بالسلطان لكونه حديث السنّ، وقصد أن يكون الأمر مغدوقا به دون السلطان، فلما قامت الدائرة والأشلة على الخليفة رجع عن ذلك، وقال: إيش كنت أنا الشيخ جلال الدين هو الذى حسّن لى ذلك، وقال: هذه كانت وظيفة قديمة وكانت الخلفاء يولّونها لمن يختارونه من العلماء؛ ثم أشهدوا على الخليفة بالرجوع عن ذلك، وبعث أخذ العهد الذى كان كتبه للشيخ جلال الدين الأسيوطى، وكادت أن تكون فتنة كبيرة بسبب ذلك، ووقع أمور يطول شرحها حتى سكن الحال بعد مدة.
وفيه أشيع بأن الأتابكى أزبك قد حضر من مكة فى الخفية، فاضطربت أحوال