للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مملكة مصر فى مماليكه فقط دون غيرهم، وتسلطن منهم إلى الآن أربعة سلاطين؛ وكان متقيا فى نفسه، لم يشرب قط خمرا، ولا كان يستعمل شيئا من الأشياء المخدرة، وكان له اشتغال بالعلم، كثير المطالعات فى الكتب، وله أذكار وأوراد جليلة، وإلى الآن تتلى فى الجوامع؛ وكان له اعتقاد فى الفقراء، ويعظم العلماء، عارفا بمقام الناس، ينزل كل أحد منزلته، وكان تابعا لطريقة الصوفية فى التقشّف.

وكان لا يوصف بالكرم الزائد، ولا بالبخل المفرط، وكان له برّ ومعروف، وأوقف عدّة جهات على وجوه البرّ والصدقة؛ وكانت محاسنه أكثر من مساوئه، ولم يخلّف من الأولاد سوى ابنه محمد الذى تسلطن من بعده، وكان من سريته أصل باى، ولم يتزّوج فى منذ عمره سوى بخوند فاطمة ابنة العلاى على بن خاص بك، واستمرّت معه إلى أن مات، ورثاه الشيخ بدر الدين محمد بن الزيتونى بهذه القطعة الزجل وهو قوله:

يرحم الله سلطاننا الأشرف … كان مؤيد على العدا ظاهر

وكذا ابنو المظفر المنصور … ينصر الله العادل الناصر

لما زاد الضعف بقايتباى … والدوادار فى غاية الإمكان

وتوافق مع الأمير تمراز … فطلع قانصوه إلى الميدان

وأتى القلعة معو كرتباى … والأمارة وهدّموا البنيان

هرب آقبردى وقيّدوا تمراز … وتولّى سلطاننا الناصر

من يخالف أمرو ومن يعصيه … ردّ مقهور والأمر للقاهر

فولّى الملك سادس العشرين … من شهر ذى القعدة طلوع شمسو

بعد واحد من السنين تالى … تسعمائة بعد انقضا أمسو

وتوفى أبوه أخير النهار … فى صباحو واروه حلول رمسو

بعد ملكو (١) تسعة وعشرين عام … واربع أشهر بالكاتب الحاصر


(١) ملكو: ملوكو.