للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجاب (١)، وبقية الأمراء المقدّمين والطبلخانات والعشرات، واجتمع بالرملة الجمّ الغفير من العسكر.

فلما بلغ ذلك من بالأزبكية من العسكر، بأن السلطان قد نادى أن العسكر الطائع يطلع إلى الرملة ويقف تحت الصنجق السلطانى، فصاروا فى الحال يتسحّبون من هناك شيئا فشيئا ويطلعون إلى الرملة، حتى لم يبق فى الأزبكية إلا مماليك الأمراء الذين (٢) هناك، فظهرت الكسرة على قانصوه خمسمائة ومن معه من الأمراء، وكانت هذه أول حركات قانصوه خمسمائة، وكان معكوس الحركات فى سائر أفعاله، كما يقال فى المعنى:

وأخّرنى دهرى وقدّم معشرا … لأنهم لا يعلمون وأعلم

فمذ أفلح الجهّال أعلم أننى … أنا الميم والأيام أفلح أعلم

فبينما الأتابكى أزبك جالس فى مقعده وإذا بالأمير أزبك اليوسفى رأس نوبة النوب دخل عليه، وصحبته الحاج رمضان مهتار الطستخاناه، فقال له: قم كلم السلطان فى خير (٣)، فقام من وقته وتوضّأ وصلّى ركعتين، وركب وهو بتخفيفة صغيرة وملوطة بيضاء مفكّك الأزرار، فطلع صحبتهما إلى القلعة، فلما رأوه المماليك الجلبان كادوا أن يقطعوه بالسيف، وقيل إن الأمير آقبردى الدوادار كلّمه (٤) وشتمه، فلما وقف بين يدى السلطان، فقام له وأمر بإدخاله إلى قاعة البحرة، خوفا عليه من المماليك الجلبان أن لا يقتلوه.

فلما بلغ قانصوه خمسمائة ومن معه من الأمراء أن الأتابكى أزبك قد عوّقوه بالقلعة، فقام قانصوه خمسمائة وركب وتوجّه من على قنطرة الحاجب واختفى من حيث لا يعلم له خبر، وكذلك قانصوه الألفى، والشامى، وبقية الأمراء ممن كان من عصبة قانصوه خمسمائة، فلما اختفوا الأمراء انفضّ ذلك الجمع الذى كان بالأزبكية كأنه لم يكن، وكانت الكسرة على قانصوه خمسمائة.


(١) الحجاب: أضيف هنا فى ف: وجان بلاط من يشبك، وشاد بك أخوخ.
(٢) الذين: الذى.
(٣) خير: كذا فى الأصل، وفى ف: خبر.
(٤) كلمه: كذا فى الأصل، وفى ف: لكمه.