من المماليك إلى داره ونهبوا ما فيها وأحرقوا غالبها، فلما رجع قانصوه خمسمائة من السفر، تعمّرت القلوب بالعداوة بينه وبين آقبردى الدوادار، وصارت العداوة كل يوم فى مزيد، فلما كان يوم الخميس المذكور ركب قانصوه خمسمائة ولبس لامة الحرب والتفّ عليه جماعة من خشداشينه، مثل قانصوه الألفى أحد الأمراء المقدّمين، وقانصوه الشامى أحد المقدّمين أيضا، ومن الأمراء الطبلخانات والعشرات جماعة كثيرة، منهم برسباى الخسيف، وقرقماس الشريفى، وأسنباى المبشّر، وقايتباى المبشّر أيضا، وأزبك قفص (١)، وغير ذلك من الأمراء، والجمّ الخفير من الخاصكية والمماليك السلطانية.
فلما لبسوا لامة الحرب توجّهوا إلى بيت قانصوه خمسمائة، فركب معهم وأتوا إلى بيت الأتابكى أزبك، الذى أنشأه فى الأزبكية، فاجتمع هناك من العسكر ما لا يحصى؛ فلما بلغ الأمير يشبك الجمالى أحد المقدّمين والزردكاش الكبير، بأن العسكر قد اجتمع عند الأتابكى أزبك حضر يشبك الجمالى أيضا، فكمّل هناك أربعة أمراء مقدّمين، وجاء العسكر أفواجا أفواجا، ولا بقى يعلم إن كانت هذه الركبة على السلطان أم على الأمير آقبردى الدوادار؛ فلما اشتدّ الأمر طلع تانى بك قرا حاجب الحجاب إلى السلطان، وتنصّح له، وخلا به، وقال له: إنما هذه الركبة على السلطان، وأن العسكر قائم مع الأتابكى أزبك لأجل قانصوه خمسمائة، فإنه كان صهره.
فلما تحقّق السلطان ذلك اضطربت أحواله، وخشى من اتساع الفتنة، فنزل إلى باب السلسلة، وجلس فى المقعد المطل على الرملة، وعلّق الصنجق السلطانى، ودقّت الكوسات حربى، ثم نادى للعسكر كل من كان طائعا لله وللسلطان يطلع إلى الرملة ويقف تحت الصنجق السلطانى، فلما بلغ الأمراء المقدّمين ذلك طلع إلى باب السلسلة: تمراز الشمسى أمير سلاح، وتانى بك الجمالى أمير مجلس، وآقبردى الدوادار الكبير، وأزبك اليوسفى رأس نوبة النوب، وتانى بك قرا حاجب