للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدّة ولايته لنظر الأوقاف، كما يقال:

تولاّها وليس له عدوّ … وفارقها وليس له صديق

وفيه توفى قاضى بولاق ابن قرقماس أحد نواب الحنفية، واسمه عبد القاهر بن أحمد بن على بن محمد بن أبى بكر الدماصى، وكان يعرف بابن قرقماس، وكان من أعيان الحنفية، مشكور السيرة فى قضائه، وكان لا بأس به. - وفيه وقع الرخاء بالديار المصرية، حتى أبيع كل عشرة أرادب قمح بثلاثة دنانير، حتى عدّ ذلك من النوادر. - وفيه توفى الطواشى سرور شاد الحوش، وكان عنده قسوة زائدة، وعسف وظلم، وهو الذى أحدث بالقلعة السجن المسمّى بالعرقانة من داخل الحوش، وكان يحبس فيه من يختار من أصحاب الجرائم، فاستمرّ بعده إلى الآن. - وفيه توفى المسند عبد القادر بن الزياد المناوى، وكان لا بأس به.

وفيه تغيّظ السلطان على ولده محمد، فألبسه زمط عتيق وكبر خام، ونزل به إلى طبقة الميدان، ولم ينعم عليه بأمرة عشرة فى أيامه قط، وقال لأغات الطبقة نوروز المجنون: دعه يكنس الطبقة ويقعد على السفرة آخر المماليك، وإن قوى رأسه اضربه علقة قوية، وعامله معاملة المماليك الجلبان؛ فأقام فى الطبقة أياما حتى طلع الأتابكى أزبك وشفع فيه، واستمرّ عنده ممقوتا حتى مات.

وفى شعبان وصل إلى القاهرة شخص جركسى، وهو جلب قحّ، وقد جاوز الستين سنة من العمر، ومعه اثنان من الأولاد وهما (١) شبان ملاح الهيئة، فذكروا أن ذلك الشيخ أخو السلطان، وكان مقيما ببلاد الفرنج (٢)، فلما حضر استسلمه السلطان، وختّنه، وختّن أولاده معه، وسمّاه قيت، وسمّى أولاده أحدهما جانم والآخر جانى بك، ورتّب لهم جوامك، ونزّلهم فى الطبقة، وصاروا من جملة المماليك السلطانية، ولكن جرى عليهم بعد ذلك أمور مهولة يأتى الكلام عليها.

وفيه قدم إلى القاهرة القاضى شهاب الدين أحمد بن فرفور الدمشقى، قاضى قضاة


(١) الأولاد وهما: كتبت فى الأصل بعد «حتى مات» فى سطر (١٧) السابق.
(٢) وكان مقيما ببلاد الفرنج: كذا فى الأصل، وفى ف: وأنه أبيع ببلاد الإفرنج، وكان مقيما بها.