وفيه تغيّر خاطر السلطان على الزمام فيروز الطواشى، فأمر بسجنه، فسجن بالبرج التى فى القلعة أياما حتى شفع فيه وأطلق، وسبب ذلك أن شهاب الدين السجنى رافع فيه عند السلطان، فتغيّظ عليه.
وفى جمادى الأولى أمر السلطان بتجديد عمارة باب القرافة، فعمره وأنشأ هناك الربوع والسبيل، وجاء من أحسن المبانى، ثم بعد مدّة يسيرة أنشأ جامعا بخطبة خارج باب القرافة، فجاء غاية فى الحسن، وحصل به النفع للناس. - وفيه قرّر برد بك الطويل فى دوادارية السلطان بدمشق، وقرّر برسباى الصغير فى الحجوبية الثانية. - وفيه توفى القاضى محيى الدين بن مظفر، وهو عبد القادر بن محمد بن أحمد بن على بن مظفر، أحد نواب الحكم الشافعى، وكان عالما فاضلا رئيسا حشما، محمود السيرة فى قضائه، وكان لا بأس به. - وتوفى الشيخ الصالح سيدى على الجبرتى، وكان مقيما بالجامع الأزهر، مات فجأة وهو بالحمّام، وكان رجلا مباركا.
وفى جمادى الآخرة كان الحريق المهول بالقلعة فى حواصل السلطان، التى عند قاعة البحرة، وكان فيهم خيام كثيرة، فاحترق غالبها ولعب فيها النار، فلم يسلم منهم سوى خيمة المولد الشريف فقط، فقوّمت الخيام التى احترقت فكانت بنحو من مائتين (١) ألف دينار، وقيل بل أكثر من ذلك، ولا يعلم سبب وقوع النار هناك، فقام السلطان بنفسه وبقى يطفى الحريق مع المماليك، فأقامت النار تعمل هناك ثلاثة أيام؛ فلما طلع النهار صعدت الأمراء إلى القلعة، وصاروا يسلمون على خاطر السلطان بسبب ذلك، وقد تأثّر السلطان لذلك وشقّ عليه حرق تلك الخيام، وشرع كل من طلع إليه من الأمراء يشكو له بأن لم يبق عنده من الخيام شئ، فصارت الأمراء كل من كان عنده خيام جدد يقدّمها للسلطان، ففعل ذلك الكثير من الأمراء والمباشرين.
ثم أشيع بعد ذلك أن النار كانت من مطبخ بيت الخليفة، وكان الخليفة ساكنا بالقلعة داخل الحوش بجوار قاعة البحرة، فعند ذلك رسم السلطان للخليفة بأن ينزل