وفيه توفى الشيخ أحمد رزوق المغربى المالكى، وكان من أهل الصلاح والدين. - وفيه قبض السلطان على بدر الدين بن الإنبابى كاتب جيش الشام، فضربه بالعصا بين يديه، وأمر بقطع لسانه حتى شفع فيه من ذلك، ولم يكن له ذنب يوجب ذلك، ولكن خرج خلق السلطان فى ذلك اليوم جدا.
وفى ربيع الآخر توفى القاضى تاج الدين بن الإمام، وهو محمد بن أحمد بن محمد الإمام، وكان أحد نواب الحكم من الحنفية، وكان غير مشكور فى قضائه وعنده خفّة ورهج، ومما قاله فيه الشهاب المنصورى، وهو قوله:
قالوا علا التاج فهو قاض … فقلت يا ضيعة الحقوق
غايته أنه تويج … ملقى على مفرق الطريق
وفيه جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية بأن سقط بها ثلج حتى عمّ الأسطحة والشوارع، مثل ثلج الشام، فعدّ ذلك من النوادر. - وفيه عيّن السلطان أزدمر تمساح أمير حاج ركب المحمل، وعيّن الناصرى محمد بن العلاى على ابن خاص بك أمير الركب الأول، وعيّن يشبك الأشقر باش المجاورين بمكة.
وفيه عيّن السلطان الأمير ماماى من خدا الدوادار الثانى، بأن يتوجّه رسولا إلى ابن عثمان، وقد توجّه إليه قبل ذلك مرّة أو مرّتين، وهذه آخر قصاد السلطان إلى ابن عثمان؛ فشرع ماماى فى عمل يرق حافل، وصنع له ردكا ببركة الرطلى فى زمن الشتاء، وصار يوقد فى كل ليلة هناك وقدة حافلة، وهرعت الناس إلى هناك بسبب الفرجة، وعمر الجسر وسكن به الناس أياما فى قلب الشتاء، حتى عدّ ذلك من النوادر؛ وكان يعمل هناك فى كل ليلة خيال ظل، أو مغانى عرب، أو ابن رحاب المغنى، أو غير ذلك من الملاهى (١)، وكانت ليالى مشهودة فى القصف والفرجة حتى خرج الناس فى ذلك عن الحدّ، وأقاموا على ذلك نحوا من عشرين يوما؛ ثم سافر الأمير ماماى وخرج فى تجمّل زائد وموكب حافل. فتوجّه إلى بلاد ابن عثمان.
(١) أو غير ذلك من الملاهى: كذا فى الأصل، وفى ف «أو جوق المخيطين»، ولعله يعنى «المحبظين».