للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أجلّ قضاة ابن عثمان، وكان متولّى قضاء البرصا، وهو شخص من أهل العلم، يقال له شيخ على جلبى، فلما صعد إلى القلعة أكرمه السلطان وبالغ فى تعظيمه جدا، فأحضر على يده مفاتيح القلاع التى كان ابن عثمان قد استولى عليها، فسلّمها إلى السلطان، وأشيع أمر الصلح بين ابن عثمان والسلطان، فنزل القاصد فى مكان عدّ له وهو فى غاية الإكرام؛ ثم إن السلطان أطلق إسكندر بن ميخال، الذى كان أسر كما تقدم وأقام فى السجن مدة طويلة، فلما أطلقه السلطان أحسن إليه وأكساه، وكذلك أطلق الأسراء (١) الذين (٢) أسروا من عسكر ابن عثمان، وأكساهم وأحسن إليهم، وتوجّهوا إلى بلادهم صحبة القاصد لما سافر، وهذا ما كان من ملخص أمر الصلح بين السلطان وبين ابن عثمان.

وفيه أمر السلطان بضرب أبا يزيد الصغير أحد البجمقدارية، وكان من خواصه، ولكن ضربه لأمر أوجب ذلك، وأبا يزيد هذا هو الذى صيّر رأس نوبة ثانيا فيما بعد، وقبض عليه العادل طومان باى وسجنه بقلعة دمشق، لما توجّه إلى هناك وتسلطن. - وفيه كسفت الشمس كسوفا تامّا، ودامت فى الكسوف نحوا من ثلاثين درجة، وعادت الزلزلة التى وقعت بالأمس وكانت خفيفة جدا.

وفى رجب طلع القضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وحضر قاصد ابن عثمان، فعرض السلطان فى ذلك اليوم كسوة الكعبة ومقام إبراهيم ، وزفّ معهما المحمل الشريف، وكان يوما مشهودا. - وفيه توفى بركات الصالحى وكيل بيت المال، وكان من أعيان الموقّعين، وهو أبو البركات محمد بن محمد بن أبى بكر القاهرى الشافعى الصالحى، وكان غير محمود السيرة فى أفعاله، كثير الظلم والعسف، ومولده بعد الثلاثين والثمانمائة، وكان اعتراه آكلة فى رجله، فاستمرّ بها إلى أن مات، وفيه يقول بعض الشعراء مداعبة لطيفة:

بركات زاد الظلم فى أيامه … وعلى الورى قد جار فى توكله

من رجله كان الهلاك بعاهة … فمشى إلى نار الجحيم برجله


(١) الأسراء: كذا فى الأصل.
(٢) الذين: الذى.