للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الذى كان سببا لمرافعة جماعة قاضى القضاة زين الدين زكريا الشافعى، واستمرّ الشيخ برهان الدين القلقشندى فى التوكيل به حتى مات بركات الصالحى، فأفرج عنه بعد أن غرم أموالا لها صورة. - وفيه كان انتهاء العمل من جامع السلطان الذى أنشأه فى الروضة، وجاء غاية فى الحسن، وصنع هناك ابن الطولونى ناعورة تدور بحمار، فكانت الناس تتوجّه للفرجة عليها، وكان البدرى حسن بن الطولونى معلم المعلمين يصنع فى كل ليلة رابع عشر الشهر ليلة حافلة بالجامع، ويسمّونها البدرية، وينصب على شاطئ البحر قدّام الجامع من الخيام ما لا يحصى، وتجتمع المراكب هناك حتى تسدّ البحر، ويجتمع الجمّ الخفير من العالم، ويوقد بالجامع وقدة حافلة، ويحضر هناك قراء البلد قاطبة والوعاظ، وتكون ليلة حافلة لم يسمع بمثلها فيما تقدم، واستمرّ الحال على ذلك مدّة، ثم بطل من يومئذ هذا الأمر.

وفيه أشيع بين الناس أن الشيخ جلال الدين السيوطى، أفتى بأنه لا يجوز البناء على ساحل برّ الروضة، لأن الإجماع (١) منعقد على منع البناء فى شطوط الأنهار الجارية، وأما من نسب بأن ذلك يجوز فى مذهب الإمام الشافعى ، فباطل من نقل ذلك عن الإمام الشافعى، وهذا كلام ليس له صحة فى كتب الشافعية قاطبة. - وفيه خرج جان بلاط من يشبك قاصدا عن السلطان إلى ابن عثمان، فخرج فى تجمّل زائد وموكب حافل؛ وجان بلاط هذا هو الذى ولى السلطنة فيما بعد بعشر (٢) سنين.

وفى شعبان قرّر كرتباى من مصطفى المعروف [بالأحمر] (٣)، وهو الذى كان كاشف البحيرة، فى حجوبية الحجاب بطرابلس، ونظر جيشها، وغير ذلك من الوظائف بها. - وفيه ظهرت أعجوبة وهو أن ولد مولود فى ستة أشهر، فلما نظروا إليه فرأوا له فى وجهه لحية، وعلى فمه شارب، وقد دارت لحيته بوجهه، وفى فمه ثنايا مفلجة، وكان عليه بشاعة، فعاش ثلاثة أيام ومات.


(١) الإجماع: الاجتماع.
(٢) بعشر: بعشرين.
(٣) ما بين القوسين ينقص فى الأصل.