وفيه عمل السلطان المولد النبوى، وكان حافلا. - وفيه كانت مصادرة السلطان لمهتاره رمضان، فضيّق عليه حتى أخذ منه ستين ألف دينار، وقيل بل أكثر من ذلك، وكان رمضان المهتار متحصله فى كل يوم فوق الأربعين دينارا، خارجا عن جهاته وحماياته وغير ذلك، وكان متحدّثا فى نظر الكسوة وغير ذلك من الجهات السلطانية، ورأى من العزّ والعظمة ما لا رآه غيره من المهاترة السلطانية.
وفى ربيع الآخر ثارت المماليك الجلبان على السلطان وطلبوا منه نفقة بسبب هذه النصرة التى وقعت لهم، فلما رأى منهم عين الجدّ نفق عليهم على العادة، كما تقدم شرح ذلك. - وفيه عيّن السلطان قرقماس أحد الأمير آخورية بأن يتوجّه إلى دمشق، بسبب جباية أملاك دمشق عن الخمسة أشهر كما وقع بمصر، وعيّن قاصدا أيضا إلى ثغر الإسكندرية بمعنى ذلك، وإلى ثغر دمياط؛ وكانت هذه المصيبة عامة على الناس، حتى أخذ من أوقاف البيمارستان خمسة أشهر، وانقطع معلوم الأيتام والضعفاء فى رواتبهم عن مدّة خمسة أشهر، وكذلك سائر أوقاف الجوامع والمدارس والتّرب، وقطع معلوم الصوفية والصدقات الجارية؛ فلما توجّه قرقماس المذكور إلى دمشق أظهر بها من المظالم أشياء كثيرة، ما لم يفعلها هناد فى زمانه، وقرقماس هذا هو الذى ولى نيابة حلب فيما بعد، وقبض عليه طومان باى الدوادار لما خرج إلى الشام، بسبب عصيان قصروه نائب الشام، فسجن قرقماس هذا بقلعة دمشق، ثم عاد إلى مصر، وهو متولّى الأتابكية الآن.
وفى جمادى الأولى أخلع على تانى بك الجمالى وقرّر فى أمرة مجلس، عوضا عن برسباى (١) قرا المحمدى بحكم وفاته فى جلب، وكانت أمرة مجلس شاغرة مدة طويلة، وكان تانى بك الجمالى متكلما فيها بغير تقرير. - وفيه انتهت عمارة أبو البقا بن الجيعان من تجديد ما عمّره فى الزاوية الحمراء التى عند قناطر الأوز، وصارت من جملة مفترجات القاهرة، وفى ذلك يقول بعض الشعراء:
(١) برسباى … فى: كذا فى ف، وفى الأصل: أزدمر قريب السلطان بحكم انتقاله إلى نيابة. وانظر فى ذلك هنا فيما سبق ص ٢٤٩ س ٤ - ٥ وص ٢٦٥ س ٤ - ٥.