للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى البيمارستان أياما ثم شفع فيه، فعاد إلى طبقة الزمام وأقام فى الترسيم؛ وكان أبو الفتح فى خدمة السلطان من حين كان شاد الشراب خاناه، وكان عنده من المقرّبين، ثم عذر به ووقع له معه أمور يطول شرحها. - وفيه توفى برسباى أطلاشا (١) الشمسى الظاهرى أحد الأمراء العشرات، وكان من خشداشين السلطان، وكان لا بأس به.

وفى رجب بلغ السلطان بأن العربان قالت: إن مصر ما بقى بها من الجند إلا قليلا وزاد طمعهم فى حقّ الترك، فرسم السلطان لمن بقى فى القاهرة من الجند بأن يركبوا فى كل يوم أحد وأربعاء، ويسيروا إلى جهة المطرية ويعودوا ويشقّوا من القاهرة، وفى أوساطهم السيوف والتراكيش، وهم راكبون الخيل، فصاروا يفعلون ذلك فى كل يوم أحد وأربعاء، ويدخلون إلى القاهرة أفواجا أفواجا، وتقعد الناس على الدكاكين لرؤيتهم، فأقاموا على ذلك، مدّة ثم بطل. - وفيه كان انتهاء عمل القبّة، التى جدّدها السلطان بجامع القلعة عوضا عن التى سقطت، فجدّدها وجدّد المنبر، وصارت من أحسن المبانى.

وفيه من الحوادث أن السلطان جدّد مظلمة شنيعة، وهى أنه أرسل لكاشف الشرقية (٢) بأن يأخذ من البلاد الخمس من خراج المقطعين، بسبب تجهيز خيّالة من فرسان عربان الشرقية، يتوجّهون إلى العسكر عونة، بسبب قتال عسكر ابن عثمان، فحصل للمقطعين غاية الضرر من كبس البلاد والقبض على الفلاحين، وكسب ذلك إلى شرف الدين بن البدر حسن، بأنه كان هو القائم فى ذلك، فتوعّدته المماليك الجلبان بالقتل، ونهبوا بيته فيما بعد، وقد جبى الخمس من خراج المقطعين سنتين متوالية، ولم تخرج خيّالة من الشرقية، وكانت زيادة مظلمة أخرى.

وفيه وصل الزينى أبو بكر بن مزهر كاتب السرّ، وقد تقدّم القول إنه خرج إلى نابلس صحبة الأمير آقبردى الدوادار، بسبب جمع العشران من عرب نابلس لأجل التجريدة الماضى خبرها، فحضر وهو متوعّك فى جسده، فلم يقابل السلطان ولا طلع إلى القلعة، واستمرّ ملازما الفراش بداره حتى مات، كما سيأتى الكلام


(١) أطلاشا: فى ف: الطلاشى.
(٢) الشرقية: فى ف: الغربية والشرقية.