للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه توفى الشيخ نظام الدين محمد بن الحى بغا الحنفى التركى، وكان عالما فاضلا من أعيان الناس، وكان رئيسا حشما وجيها عند الناس، فى سعة من المعيشة، وفيه يقول المنصورى:

سبحان من منّ بجيش الكلام … على نظام الدين دون الأنام (١) فلفظ أهل العلم درّ ولا … يزيّن ذاك الدرّ إلاّ النظام

وفيه جاءت الأخبار من مكة بوفاة الأمير قانصوه الخسيف الأحمدى الأينالى، الذى كان أحد الأمراء المقدّمين ونفى إلى دمياط، ثم نقل إلى مكة فمات بها، وجرى عليه شدائد ومحن، وكان من أعيان طائفة المماليك الأينالية، وهو الذى تعصّب للأشرف قايتباى حتى تسلطن، فما ناله منه خير، كما يقال:

ربّ من ترجو به دفع الأذى … سوف يأتيك الأذى من قبله

وكان يقول فى مجالس بسطه: لولا أنا ما فرح قايتباى قط بالسلطنة، فلما بلغ السلطان قايتباى ذلك جرى على قانصوه هذا ما لا خير فيه، وكان يطلق لسانه فى حقّ الأشرف قايتباى بما لا يليق، فحقد ذلك عليه، كما يقال؛

وقد يرجى لجرح السيف برء … ولا برء لما جرح اللسان

وفى ربيع الأول توفى الأمير ملاج اليوسفى نائب القلعة، وكان أصله من مماليك الظاهر جقمق، وكان دينا خيرا رئيسا حشما عاقلا، عارفا بفنون الفروسية، وكان لا بأس به. - وفيه عمل السلطان المولد النبوى، وكان حافلا على العادة. - وفيه تصدّى شخص من العوانية، واحتكر بيع الملح وضمنه بمكس، ولم يكن يعهد ذلك من قبل، فلما جرى ذلك نشفت الملاحة فى تلك السنة حتى عزّ وجود الملح جدا.

وفى ربيع الآخر توفى الشيخ الصالح المعتقد سيدى عبد العظيم السدّار، الذى كان يبيع السدر والحنّا عند الغرابليين، وكان للناس فيه اعتقاد (٢) زائد، وهو عبد العظيم بن ناصر بن خلف المصرى، ومولده بعد العشرين والثمانمائة. - وفيه توفى


(١) صفحة ٩ (آ) من مخطوط باريس.
(٢) اعتقاد زائد: اعتقادا زائدا.