للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الأتابكى أزبك غائبا فى التجريدة؛ ومن النوادر أن النيل زاد فى ذلك اليوم عشرين أصبعا من الذراع السابع عشر، فكانت من النوادر فى يوم كسره، واستمرّت الزيادة عمّالة، حتى أنه زاد فى ثلاثة أيام متوالية بعد الوفاء تسعة وأربعين (١) أصبعا، حتى عدّ ذلك من النوادر الغريبة فى الزيادات، وقد قيل فى المعنى:

وفا النيل إذ وفّى البسيطة حقّها … وزاد على ما جاده من صنائع

فماذا تقول الناس فى جود منعم … يشار إلى إنعامه بالأصابع

وفيه نزل السلطان إلى الميدان، وجلس بالمقعد الذى به، وعرض المحابيس من رجال ونساء وأطلق منهم جماعة، ثم أمر بتوسيط أحمد بن بشارة شيخ العشير ببلاد صفد. - وفيه عاد الأمير آقبردى الدوادار من جبل نابلس، ومعه عدة من العربان وهم فى الحديد، وقد قبض على أعيان مشايخهم.

وفى رمضان كان أول ما خطب بمدرسة الصاحب خشقدم الزمام، التى أنشأها بخط باب الرملة، وقد جاءت من محاسن المبانى، وكان أصلها قاعة، فصنع بها محرابا، واتخذها مدرسة، وخطب بها. - وفيه توفى شمس الدين محمد الدجوى (٢)، أحد نواب الحكم الشافعية، وكان إنسانا حسنا لا بأس به، ومولده سنة تسع وعشرين وثمانمائة. - وفيه قبض على إنسان وهو سكران فى رمضان، فضرب بالمقارع وطيف به فى القاهرة.

وفيه جاءت الأخبار بوفاة العلاى على بن شاهين العثمانى نائب قلعة دمشق، وكان رئيسا حشما لا بأس به. - وفيه كان ختم قراءة صحيح البخارى بالقلعة بالحوش، وكان ذلك على خلاف العادة. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على خشقدم الزمام لأمر وقع له، وكانت كاينة عظيمة، وقصد الإخراق به، وأمر بضربه حتى شفع فيه، ثم آل أمره من بعد ذلك إلى أن نفاه إلى جهة قوص، كما سيأتى الكلام على ذلك.

وفى شوال جاءت الأخبار بوفاة برد بك سكر أتابك العساكر بطرابلس،


(١) وأربعين: فى ف: وتسعين.
(٢) الدجوى: فى ف: الديجورى.