للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعسكر بالعرض، فعرض وعيّن جماعة من الأمراء والجند، فكانوا نحوا من خمسمائة مملوك، وكان الباش عليهم يشبك الجمالى أحد المقدمين (١) الزردكاش الكبير، فلما عرض نفق على الجند المعينين للسفر واستحثّهم على الخروج إلى حلب؛ ولما ضاق الأمر بالسلطان قصد أن يخرج إلى التجريدة بنفسه، وأرسل إلى كرتباى الأحمر كاشف البحيرة بأن يجمع له من طائفة العربان الذين (٢) بالبحيرة ما قدر عليه، ثم عرض جماعة من الزعر وقصد أن ينفق عليهم لكل واحد ثلاثين دينارا وأن يخرجوا صحبته، وصار ينتظر ما يرد عليه من الأخبار.

وفيه جاءت الأخبار بوقوع فتنة كبيرة ببلاد فاس من أعمال الغرب، وقد حصل بين صاحب فاس والفرنج ما لا خير فيه من الحروب وقتل العساكر، وأن صاحب غرناطة توجّه إلى عمّه يسأله فى أن يرسل إليه نجدة تعينه على قتال صاحب قشتالة، وأن الفتن هناك قائمة، والأمر لله. - وفيه خرج الأمير يشبك الجمالى، ومن تعيّن معه من العسكر، إلى جهة حلب، فكان لهم يوم مشهود.

وفى رجب جاءت الأخبار بوفاة دولات باى المحوجب الشرفى نائب مطية، وكان عنده شجاعة وفروسية؛ وتوفى قانم أمير شكار المحمدى الظاهرى، أحد الأمراء العشرات، وكان لا بأس به. - وفيه توفى السيد الشريف على أخو أمير مكة، وهو على بن بركات بن حسن بن عجلان الهاشمى العلوى، وكان مقيما بالقاهرة من حين فرّ من أخيه وحضر إلى مصر، فأتاه الأجل بها، وكان رئيسا حشما فاضلا ذكيّا لا بأس به، ومولده بعد مضى الخمسين والثمانمائة.

وفى شعبان طلع القضاة الأربعة إلى القلعة للتهنئة بالشهر، فكثرت المرافاعات فى قاضى قضاة الحنفية شمس الدين الغزّى، فحنق منه السلطان ورسم لنقيب الجيش بالقبض عليه فى المجلس العام، وتوجّه به إلى المدرسة الصالحية ليقيم حساب أوقاف الحنفية، وجرى عليه ما لا خير فيه، واستمرّ فى الترسيم إلى أن عزل. - وفيه كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفى فى ثامن عشر مسرى، فتوجّه أزدمر تمساح وفتح السدّ،


(١) المقدمين: المقدمين من.
(٢) الذين: الذى.