للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى رمضان جاءت الأخبار من حلب بأن وردبش نائب حلب خرج فى جمع من العساكر، واتّقع مع على دولات أخى سوار، وقد أمدّه ابن عثمان بجمع كبير من عساكره، فلما التقى العسكران وقع بينهما وقعة مهولة، فانكسر العسكر الحلبى، وقتل وردبش نائب حلب، وجماعة كثيرة من العسكر الحلبى والمصرى؛ وكان وردبش شجاعا بطلا، وأصله من مماليك الظاهر جقمق، يعرف بوردبش من محمود شاه، وتولّى عدة وظائف سنية، منها: نيابة سيس، ثم نيابة قلعة الروم، ولم يباشرها، ثم ولى نيابة البيرة، ثم بقى أتابك العساكر بحلب، ثم بقى مقدم ألف بمصر، ثم بقى نائب حلب، واستمرّ بها إلى أن قتل على يد على دولات، قيل إنه ضرب عنقه بين يديه.

وقتل فى هذه المعركة جماعة كثيرة منهم ألماس نائب صفد، وكان دينا خيرا، عارفا بأنواع الفروسية، وولى عدة وظائف سنية، منها: أستادارية الصحبة، وشادية الشراب خاناه، ثم بقى نائب صفد، واستمرّ بها حتى قتل، وكان شابا عاقلا حشما لا بأس به؛ وقتل أيضا أزبردى الأشرفى أحد الأمراء العشرات بحلب؛ وقتل تمراز حشيش من بخشاش الأينالى أحد الخاصكية؛ وقتل أيضا طراباى الأشقر الإبراهيمى الأينالى أحد الأمراء بحلب، وتغرى بردى بن محمد بن قاسم أحد العشرات بحلب، وغير ذلك جماعة كثيرة من العسكر، وتوفى طقطباى المحمدى الأشرفى نائب قلعة حلب، وكان لا بأس به.

ثم جاءت الأخبار من بعد ذلك بأن الأمير تمراز، لما حصلت هذه الكسرة لعسكر حلب، ركب هو وأزدمر أمير مجلس والعسكر المصرى وتوجّه إلى نحو على دولات، فاتقع معه، فانكسر على دولات هو وعسكر ابن عثمان، ونهب جميع بركهم، وأخذوا صناجق ابن عثمان ودخلوا بها إلى حلب وهى منكسة؛ وكانت هذه الحركة أول فتن ابن عثمان، واستمرّت من يومئذ عمّالة بينه وبين سلطان مصر، حتى كان ما سنذكره فى موضعه من أمرهما؛ وكان أصل هذه الفتنة تعصّب ابن عثمان لعلى دولات، وكان ابن عثمان متحمّلا على سلطان مصر فى الباطن