نحو الثمانين من العمر قد … قطعتها مثل عقود الجمان
ما أحوجت يوما يمينى إلى … عصى ولا سمعى إلى ترجمان
ثم عرض له فى أواخر عمره فالج، فلزم الفراش، مدّة طويلة، وانقطع فى داره عن الحركة، فأنشأ يقول:
آه يا درهمى ويا دينارى … ضعت بين الطبيب والعطّار
كنت أنسى فى وحدتى وشفاى … من سقامى وصحّتى فى انكسارى
كنت تقضى مما حلى من غداء … وعشاء يا منيتى أوطارى
قد حمانى الطبيب عن شهواتى … فاحم يا ربّ قلبه بالنار
طال شوقى إلى الفواكه والبطيخ … والجبن واللّبا والخيار
ضاع لبّى على مقاساة لبّ القرع … والهندبا وبزر الشمار
كلما جمّع اختيارى حطاما … فرّقته منى يد الاضطرار
ليت شعرى وللزمان خطوب … وبلاء يختصّ بالأحرار
هل لميّت قضى عليه طبيب … من كفيل أو آخذ بالثار
واستمر بهذا الفالج إلى أن مات، وكان مولده سنة ثلاث (١) وثمانمائة. - وفيه ثار جماعة من المماليك الجلبان بالقلعة، وقصدوا قتل مقدّم المماليك حتى فرّ منهم واختفى، وأحرقوا باب الزردخاناه، وكانت فتنة كبيرة، ثم سكن الحال قليلا. - وفيه جاءت الأخبار بأن جمجمة بن عثمان لما خرج من مصر وتوجّه إلى بلاد ابن قرمان، بعث إليه أخوه جماعة من عسكره فتحاربوا معه، فانكسر جمجمة وفرّ هاربا ولا يعلم أين توجّه، فندم السلطان على خروجه من مصر. - وفيه كان وفاء النيل المبارك وتوجّه الأتابكى أزبك وفتح السدّ على العادة، وكان له يوم مشهود. - وفيه هجم اللصوص تحت الليل على قيسارية جركس، وقتلوا البوّاب وأخذوا من الدكاكين أشياء كثيرة ولم تنتطح فى ذاك شاتان.
وفيه أنعم السلطان على الناصرى محمد بن الأتابكى أزبك بأمرة عشرة، وأرسل
(١) ثلاث: ثلاث وثلاثين، ويلاحظ أن المنصورى قد جاوز الثمانين سنة من عمره.