وقرّره فى نيابة ثغر الإسكندرية، عوضا عن حكم قرا بحكم موته، وكان على باى هذا كاشف الشرقية يومئذ.
وفى جمادى الأولى جاءت الأخبار بقتل سيف أمير آل فضل، الذى خرج الأمير يشبك الدوادار بسببه كما تقدّم، وقد قتله ابن عمّه عساف فى بعض بلاد العراق. - وفيه خرج السلطان وسافر على الهجن، ولم يعلم إلى أين توجّه، فكثر الكلام فى ذلك بسبب سفره، ثم ظهر بعد ذلك أنه سافر إلى بعض جهات العباسة وغيرها، ثم رجع بعد أيام.
وفيه جاءت الأخبار من مكة المشرفة بوفاة الأمير خاير بك من حديد، الذى كان أحد المقدّمين بمصر، وتغيّر خاطر السلطان عليه كما تقدّم فنفاه إلى الشام، فأقام بها مدّة ثم نقله إلى مكة فمات بها؛ وكان أصله من مماليك الأشرف برسباى، وكان دينا خيرا عارفا بأنواع الفروسية، وله اشتغال بالعلم وخط جيّد وفصاحة بالعربية، مات وله من العمر زيادة على الستين سنة، وكان من جملة الأمراء المقدّمين بمصر، وهو صاحب المدرسة التى بزقاق حلب.
وفى أثناء هذا الشهر كانت وفاة شاعر العصر ورأس الأدباء على الإطلاق، الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن خضر بن على السلمى المنصورى المعروف بالهايم القاهرى الحنبلى، وكان له شعر جيّد ونظم رقيق جدا، وفيه يقول الناصرى محمد ابن شادى خجا العنبرى، وهو قوله:
اختبرنا ملوك علم القوافى … فى بديع المنظوم والمنثور
ما وجدنا خليفة فى المعانى … ملكا فى البيان كالمنصورى
وكان الشهاب هذا جميل الهيئة، نيّر الوجه، متعففّا عن الناس، ولما بلغ خمس وسبعين سنة من العمر أنشأ يقول: