للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى عند الأمير يشبك فنظر إليها، وكتم هذا الأمر عن الناس، بل وما خفى واستفاض من يومه؛ وكان أزدمر هذا من أعيان الأينالية، شجاعا بطلا مقداما فى الحرب، عارفا بأنواع الفروسية؛ ثم إن الأمير يشبك رحل من الريدانية وقد نال قصده من أزدمر الطويل، فما عن قريب حتى قطعت رأس الأمير يشبك بعد ذلك بمدّة يسيرة، والمجازاة من جنس العمل، كما سيأتى الكلام على ذلك.

وفيه توفى برد بك التاجى الأشرفى أحد العشرات، وكان لا بأس به. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على قاضى القضاة الشافعى ولى الدين الأسيوطى، وعلى قاضى القضاة الحنبلى بدر الدين السعدى، فعزل القاضى الشافعى، ورسم بنفى القاضى الحنبلى إلى قوص، ولم يكن سبب ذلك كبير أمر يستحقّ لهذه الكاينة، بل كان من أمر القاضى الشافعى ما هو بسبب تركة إنسان، والقاضى الحنبلى بسبب كتاب وقف أو نحو ذلك، فاستمرّ أمرهما فى اضطراب مدّة أيام، وتكلموا مع السلطان فيمن يلى قضاء الشافعية وقضاء الحنابلة، وكتبت قائمة بأسماء جماعة من طائفتى المذهبين، ثم آل الأمر إلى إعادتهما إلى ما كانا عليه بشفاعة الأتابكى أزبك، فأخلع على القاضيين ونزلا إلى دورهما، وكان لهما يوم مشهود.

وفى جمادى الأولى توفى القاضى شرف الدين يحيى بن الجيعان، مستوفى ديوان الجيش، وهو يحيى بن شاكر بن عبد الغنى القبطى الشافعى، وكان عالما فاضلا ريسا حشما، وله اشتغال بالعلم، وكان علامة فى الفرائض. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على القاضى تاج الدين بن المقسى ناظر الخاص كان، فرسم بتسميره، فسمّر على جمل وطيف به القاهرة، وتوجّهوا به إلى قنطرة الحاجب ليوسّطوه هناك، وكان هيئته وهو مسمّر على الجمل وعلى رأسه عمامة صغيرة وهو لابس كبر أبيض، فلما وصل إلى هناك وقع فيه شفاعة، فعادوا به وقد أركبوه على فرس، وفرح الكثير من الناس بسلامته.

وفى جمادى الآخرة رسم السلطان بشنق تاج الدين بن المقسى بعد أن عفى عنه، فتوجّهوا به إلى غيط الحاجب، فشنقوه على جميزة هناك، وشنق معه فى ذلك اليوم