للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الذهبى: فلما قتل برجوان صفا للحاكم الوقت، وصار يفعل أشياء لا تقع إلا من المجانين، الذين (١) فى عقلهم خلل، فمن ذلك أنّه منع النساء من الخروج إلى الطرقات، ومن التطلّع من الطاقات، والطلوع إلى الأسطحة، ومنع الخفّافين من عمل الأخفاف لهن.

ومنع سائر النساء من الدخول إلى الحمّامات، فمرّ يوما بحمّام الذهب الذى كان (٢) بمصر، فسمع فيها ضجيج النساء، فأمر بأن يسدّ عليهن باب الحمّام، فسدّوه عليهن من الوقت والساعة، وهو واقف عليه، فأقمن داخل الحمّام حتى متن به (٣).

ثم إنّه منع الناس من بيع الزبيب، وأمر بحرق الكروم، وقطع منها نحو مائة ألف كرمة؛ ثم إنّه منع الناس من بيع العسل الأسود، وكسر منه نحو اثنى عشر ألف مطرا.

ثم إنّه منع الناس من زرع الملوخية والقرع، وكتب على الفلاّحين قسائم أن لا يزرعوا شيئا منهما؛ وعلّل بتحريم القرع، لأنّ أبا بكر، رضى [الله] (٤) عنه، كان يميل إليه، وعلّل بتحريم الملوخية، لكون أنّ عائشة بنت أبى بكر، كانت تميل إليها؛ ثم إنّه أطلع يوما على جماعة يأكلون ملوخية، فضربهم بالسياط، وطاف بهم فى القاهرة، ثم ضرب أعناقهم عند بابى زويلة.

ثم إنّه منع الناس من بيع السمك الذى لا قشر له؛ ثم نهى عن أكل الرطب، وعن زرع الترمس؛ ثم إنّه أمر بقتل الكلاب، فقتل منهم نحو ثلاثين ألف كلب.

ثم إنّه صار يقد الشمع فى مجلسه ليلا ونهارا؛ ثم إنّه صار يجلس فى الظلام مدّة طويلة؛ ثم إنّه أمر الناس بأن يغلقوا الأسواق بالنهار ويفتحوها (٥) بالليل، وجعل الليل مقام النهار فى جميع أحوال الناس كلها، فامتثلوا ذلك، واستمرّوا عليه دهرا طويلا


(١) الذين: الذى.
(٢) الذى كان: التى كانت.
(٣) به: بها.
(٤) [الله]: تنقص فى الأصل.
(٥) ويفتحوها: ويفتحونها.