للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدّامه الجنايب بالسروج الذهب والكنابيش الزركش والكجاوتين الزركش، ولعبوا قدّامه بالغواشى الدهب، والجنايب التى بالأرقاب الزركش قدّامه، والنفير السلطانى يزعق والجاويشية والدفّ والشبابة والأوزان عمّال، ومشت قدّامه الرءوس النوب بالعصى، ومشت قدّامه الخاصكية بالشاش والقماش، وفرشت له الشقق الحرير من باب زويلة إلى القلعة، ونثرت عليه خفائف الذهب والفضة فى عدة أماكن، واستمرّ فى هذا الموكب على ما ذكرناه حتى طلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود؛ فلما طلع إلى القلعة فرشت له خوند شقق حرير وأثواب مخمل من باب القلعة إلى الحوش، ونثرت عليه خفائف من الذهب والفضة، ولاقته المغانى، ومدّت له أسمطة حافلة، فلما انتهى أمر المدّة أخلع السلطان عدّة خلع على من كان مسافرا صحبته.

ولما وصل السلطان إلى الفراة قدم عليه هناك شخص من أولاد حسن الطويل، وهو ابن محمد أغرلو بن حسن الطويل، وكان شابا جميل الصورة، له من العمر نحو من ثمان عشرة سنة، فخافت عليه أمّه أن لا يقتلوه أعمامه، فأتت به إلى السلطان، فحضر معه إلى القاهرة وحظى عنده، وكان يشقّ من القاهرة وقدّامه الساعى، واستمرّ بمصر حتى مات كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه، وكان اسمه حسين بك، وقيل مرزاه.

ولما عاد السلطان من هذه السفرة عظم أمره جدا، وقد وصل إلى الفراة وكشف على عدّة قلاع بنفسه، ودخل إلى الشام وحلب وحماة وطرابلس، وغير ذلك من البلاد الشامية، ودخل عليه من النواب وأعيان الناس جملة تقادم وأموال جزيلة، وعدّت هذه السفرة من النوادر الغريبة؛ وكانت مدّة غيبة السلطان فى هذه السفرة نحوا من أربعة أشهر إلا أياما؛ وفى هذه الواقعة يقول الشيخ بدر الدين محمد بن الزيتونى هذه القطعة الزجل، وهى من محاسن هذا الفن، كلها غرر وجناس تام، وهى هذه القطعة:

سلطاننا الأشرف خرج فى اربعين … من العساكر حين سافر حماه