توسيع الطرقات، وإصلاح وجوه أبواب الجوامع والمساجد، وجلاء رخامهم وتبييض حيطانهم، وكشف عن أبواب جامع الصالح وظهر منه عواميد رخام فجلاهم ونعّمهم، وأمر بتبييض الدكاكين ووجوه الربوع التى تطلّ على الشوارع، وأخلع على شخص من أبناء الناس وجعله مشدّ الطرقات، فصار يستحثّ الناس فى سرعة البياض والدهان، حتى عادت القاهرة كأنها كما استجدت فى بنائها وتزخرفها، وصارت كالعروس التى تجلى؛ ثم إن الأمير يشبك أمر بقلع عتبة بابى زويلة، وعلاّ العتبة وقلعها وأصلحها، فإن الأرض كانت عليت عن الباب، فقطع الأرض ومهّد قدّام الباب، واستمرّ باب زويلة مغلوقا أياما حتى انتهى منه العمل، فعدّ ذلك من النوادر، وصارت الناس تدخل إلى القاهرة من باب الفرج حتى انقضى أمر العمارة.
وفيه حضر هجّان من عند السلطان وأخبر أنه خرج من الشام، بعد ما جلس فى القصر الذى (١) بالميدان، وحكم بين الناس، وارتفعت الأصوات له بالدعاء، فأخلع الأمراء على ذلك الهجّان؛ ثم حضر عقيب ذلك هجّان ثانى، وأخبر أن السلطان خرج من غزّة وهو قاصد للديار المصرية، فشرع الأمراء فى أسباب الخروج إلى ملاقاة السلطان، ثم جاءت الأخبار بأن السلطان قد وصل إلى قطيا.
وفى شوال جاءت الأخبار بأن السلطان قد وصل إلى الصالحية وصلّى بها صلاة عيد الفطر، فعند ذلك خرج الأتابكى أزبك والأمير يشبك الدوادار، وبقية الأمراء قاطبة، إلى ملاقاة السلطان؛ ثم وصل السلطان إلى الخانكاه، فخرج إليه قضاة القضاة والعسكر قاطبة، ومعهم الشاش والقماش، ونودى فى القاهرة بالزينة فزيّنت زينة حافلة.
فلما كان يوم الخميس رابع شوال دخل السلطان إلى القاهرة فى موكب حافل، وقدّامه القضاة الأربعة والأمراء بالشاش والقماش، والعسكر قاطبة، فدخل من باب النصر وشقّ القاهرة، والأتابكى أزبك رافع القبة والطير على رأسه،