للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاهرة عاد فى البحر أيضا، فكانت مدة غيبته فى هذه السفرة نحوا من خمسة عشر يوما، فطلع إلى القلعة فى سلخ الشهر.

ومن الحوادث أن السلطان لما عاد من دمياط ونزل فى المراكب قاصدا للديار المصرية، فلما أن وصلوا إلى بولاق جاء صاروخ نفط فى مركب الأمير يشبك الدوادار، فعملت النار فى قلع المركب فاحترق، فاضطرب الأمير يشبك من ذلك، وصار يلاقى عن وجهه النار بالمخدّة، فأدركه طواشى يقال له مرجان الحسنى، فبينما هو يطفئ النار إذ سقط عليه الصارى فمات لوقته، هو وشخص من المماليك السلطانية، انتهى.

وفى رجب صعد قضاة القضاة إلى القلعة للتهنئة بالشهر وقدوم السلطان من السفر، فأخلع فى ذلك اليوم على أبى البقاء ابن قاضى القضاة ابن الشحنة، وقرّر فى قضاء الشافعية بحلب، عوضا عن عز الدين الحسناوى (١)، بحكم صرفه عنها. - وفى أثناء هذا الشهر خرج السلطان على حين غفلة وقصد التوجّه إلى بيت المقدس، وكان معه الأتابكى أزبك، ويشبك الدوادار، وآخرون من الأمراء والخاصكية، وجماعة من أعيان المباشرين وغيرهم، فلما دخل القدس أظهر به العدل، وأقام به ثلاثة أيام، ثم زار الخليل ، وتصدّق فى القدس والخليل بستة آلاف دينار، وأزال ما كان بهما من مظالم كانت حادثة هناك؛ ولما مرّ بالقرين أمر ببناء جامع وسبيل هناك، وحصل له جملة تقادم حافلة من أعيان الناس هناك؛ ولما دخل إلى غزّة أخلع على سيباى المنصورى الظاهرى أحد العشرات، وقرّر فى نيابة غزّة، عوضا عن يشبك العلاى، بحكم انتقاله إلى حجوبية الحجاب بدمشق، عوضا عن جانم الجدّاوى، بحكم انتقاله إلى أتابكية دمشق؛ ثم إن القاضى تاج الدين ابن المقسى ناظر الخاص قدم من عند السلطان، وأخبر أنه قد وصل إلى قطيا، فخرج جماعة من الأمراء إلى لقائه.

وفى شعبان فى عشرينه وصل السلطان ودخل القاهرة فى موكب حافل،


(١) الحسناوى: الحساوى.