للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كادت أن تخرب دمشق فى هذه الحركة بسبب ظلم النابلسى، وكان قد طغى على الناس وتجبّر، وكان هذا أكبر أسباب الفساد فى حقّه، حتى آل أمره إلى ما سنذكره فى موضعه.

وفيه نزل السلطان من القلعة وتوجّه إلى نحو طرا، فأضافه هناك ابن البلاّح، فكان فيما أحضره بين يديه قدورا مختومة بها شهد، ففتحت منهم قدرة بين يدى السلطان وهو جالس على السماط، فلما فتحت خرج منها نحلة كبيرة، فقصدت وجه السلطان دون الجماعة الذين (١) على السماط، فلدغته فى جفن عينه، فورم وجهه فى الحال وتشوّش لذلك، ورجع من وقته وطلع إلى القلعة، فانقطع عن إقامة الخدمة أياما حتى شفى من ذلك. - وفيه جاءت الأخبار من بلاد الشرق بوقوع فتنة بين شاه بضاغ ابن ذلغادر صاحب الأبلستين، وبين ابن قرمان، ووقع بينهما مقتلة عظيمة؛ ووقع أيضا بين حسن الطويل وبين أخيه أويس، وبعث إليه طائفة من عسكره بالرها، فحاربوا أويس فقتلوه أشرّ قتلة، ومن كان معه من عسكره.

وفى أثناء هذا الشهر توجّه السلطان إلى ثغر دمياط، وقد توجّه إلى دمياط مرة أخرى قبل ذلك، وهذه السفرة الثانية، وقد توجّه إلى دمياط من البحر فى عدة مراكب كثيرة، نحو من مائة مركب، وكان معه من الأمراء يشبك الدوادار، وآخرون من الأمراء المقدمين والعشرات، وجماعة من المباشرين والخاصكية والمماليك السلطانية؛ ومما وقع له وهو حادر فى البحر أنه رأى عدّة كراكى على جزيرة فى البحر، فقام بنفسه ورمى عليهم بسهم نشاب، فصرع منهم كركى فتحامل بسهمه وألقى نفسه فى البحر، فبادر إليه بعض السلحدارية ونزل فى البحر ليحضر الكركى فقوى عليه التيّار فغرق من وقته، فتنكّد السلطان بسبب ذلك؛ فلما طلع إلى ثغر دمياط لاقاه النائب ومدّ له مدّة حافلة، فأقام بها أياما وهو فى أرغد عيش، وتنزّه فى غيطان البلد، وتوجّه إلى مكان يصاد به السمك البورى، ونزل فى مركب صغير وعاين كيف يصاد البورى، وانشرح فى هذه السفرة إلى الغاية؛ فلما أراد العود إلى


(١) الذين: الذى.