حلب، فلما خرجوا إلى عسكر حسن الطويل تقاتلوا معهم، فانكسر عسكر حلب، وجرح محمد أغرلوا جرحا بالغا، ورجع إلى حلب فى خمسة أنفار، وأن ينال الحكيم فقد فى المعركة، وأن دولات باى المحوجب أسر، وقتل من عسكر حلب جماعة كثيرة؛ فلما بلغ السلطان هذا الخبر تشوّش له وعيّن جماعة من الأمراء، منهم: الأتابكى أزبك، ويشبك الدوادار وتمراز رأس نوبة النوب، وأزدمر الطويل حاجب الحجاب، وبرسباى قرا، وخاير بك من حديد، ووردبش، وعيّن من الأمراء الطبلخانات والعشرات عدة وافرة، وأمرهم بأن يجهّزوا يرقهم ويكونوا على يقظة حتى يرد عليه من أمر حسن الطويل ما يكون، فاضطرب أحوال العسكر؛ فبينما هم على ذلك إذ ورد كتاب من عند ابن الصّوا، يخبر فيه بأن عسكر حسن عاد إلى بلاده ولم يحصل منهم ضرر، فانشرح السلطان لهذا الخبر، وبطل أمر التجريدة التى تعيّنت إلى حسن الطويل، فكان كما قيل فى المعنى:
وكم همّ تساء به صباحا … فتأتيك المسرّة بالعشىّ
وفيه توفى الشيخ عضد الدين السيرامى، شيخ المدرسة البرقوقية، وهو عبد الرحمن بن يحيى بن سيف بن محمد بن عيسى الحنفى السيرامى، وكان عالما فاضلا ريسا حشما، من أعيان علماء الحنفية، بارعا فى الفقه مفتيا، وكان لا بأس به؛ فلما توفى أخلع السلطان على قاضى القضاة شمس الدين الأمشاطى، وقرّر فى مشيخة البرقوقية، عوضا عن السيرامى. - وفيه أخلع على أزبك فستق الظاهرى، وقرّر فى أمرة الآخورية الثالثة، عوضا عن سيباى، بحكم انتقاله إلى الحجوبية الثانية. - وفيه أخلع السلطان على ولد برهان الدين النابلسى، وأعيد إلى نظارة الجيش بدمشق، وصرف عنها الشريف موفق الدين الحموى. - وفيه توفى جمال الدين الباعونى قاضى القضاة الشافعى بدمشق، وكان عالما فاضلا ريسا حشما، وكان ترشّح أمره ليلى قضاء مصر ولم يتمّ ذلك، وكان مولده سنة خمس وثمانمائة.
وفى جمادى الأولى أخلع السلطان على قجماس الإسحاقى، وقرّر فى أمرة آخورية الكبرى، عوضا عن جانى بك الفقية الظاهرى، بحكم انتقاله إلى أمرة