وفى شوال فى ثالثه خرج الأتابكى أزبك مسافرا إلى الحجاز، وصحبته زوجته خوند ابنة الظاهر جقمق، وخرج صحبته أيضا الأمير أزبك اليوسفى، ومعه زوجته خوند ابنة عمّ الملك الظاهر جقمق، وخرج صحبتهم الشيخ أمين الدين الآقصراى، وولده أبو السعود، فحجّ الشيخ فى محفّة، وقد بعث إليه السلطان بسبعمائة دينار يستعين بها على الحجّ؛ وخرج صحبتهم الكثير من الناس، وقد سبقوا الحاج بعشرين يوما. - وفيه أخلع السلطان على قرابته أزدمر، وقرّر فى نيابة صفد، عوضا عن يلباى العلاى الظاهرى بحكم وفاته. - وفيه خرج الحاج على العادة، ولما حجّ الشيخ أمين الدين فى المحفّة قال فيه بعض شعراء العصر هذا المعنى:
محفّة الشيخ الآقصراى … تنشر جدواه فى المشاهد
تقول طوبى لمثل هذا … قد حجّ بالناس وهو قاعد
وكان أمير ركب المحمل فى هذه السنة جانى بك الأشقر، أحد خواص السلطان، وبالركب الأول جانى باى الخشن الأينالى، تاجر المماليك؛ وفى هذه السنة حجّت خوند فاطمة زوجة السلطان، وهى ابنة العلاى على بن خاص بك، فكان يوم خروجها إلى السفر يوما مشهودا، وكان لها الموكب حافل، فخرجت فى محفّة زركش، برصافيات لؤلؤ مرصّعة بفصوص بلخش وفيروز، وخرج صحبتها أخت السلطان فى محفّة زركش أيضا، وخرج معها خمسون حملا من المحاير المخمل الملون، ومشت قدّام محفّتها بالرملة جميع أرباب الدولة، وهم: كاتب السرّ، وناظر الجيش، وناظر الخاص، وغير ذلك من المباشرين، ومشى الزمام، ومقدّم المماليك، وأعيان الخدّام بأيديهم العصى، وقدّامها من الحداة أربعة، منهم: إبراهيم بن الجندى المغنى، وأبو الفوز الواعظ، وغير ذلك، فكان لها تجمّل زائد قلّ أن يقع لأحد من الخوندات مثلها، فعدّ ذلك من النوادر، وكان المتسفر عليها والدها العلاى على بن الخاص بك، وبرسباى المحمودى الخازندار.
ومن الحوادث أن قبل خروج خوند إلى السفر، رسم السلطان بشنق جارية بيضاء جركسية، فشنقت على جميزة بالقرب من حدرة ابن قميحة، عند الأحواض التى