فى سيباى بأن يقيم بمصر بطالا؛ وقد بلغ السلطان عنهم ما قد غيّر خاطره عليهم، قيل إنهم قصدوا الوثوب على السلطان لما وثبوا المماليك على الأمير يشبك الدوادار، فانكشف رخّ جماعة الأينالية فى هذه الحركة، وصار السلطان ينفى منهم جماعة بعد جماعة ممن كان رأس الفتنة فى هذه الحركة.
وفيه طلع إلى السلطان شخص من الفقهاء، يقال له شهاب الدين القلقيلى، ورفع قصّة يشكوا فيها الشيخ عبد البرّ بن الشحّنة بأنه سلّط عليه غلمانه وعبيده ضربوه ضربا مبرحا، وذكر فى أثناء القصّة بأن عبد البرّ جاهل ما يحسن قراءة الفاتحة، وأن الصلاة خلفه لا تصحّ؛ فمال السلطان مع القلقيلى على عبد البرّ، وهذا بخطيئة ابن الفارض فإنه كان من رأس المتعصّبين عليه، فرسم السلطان بإحضار عبد البرّ وجماعة من مشايخ القراء، وقرأ عبد البرّ بحضرتهم والسلطان جالس والقلقيلى حاضر، فلما قرأ أثنوا عليه مشايخ القراء وشكروا من قراءته، فاستمال السلطان على القلقيلى، وكان قد حلف برأس السلطان أن عبد البرّ ما يحسن قراءة الفاتحة، فلما ظهر للسلطان كذب القلقيلى أمر بضربه، فضرب بين يديه ضربا مبرحا، وأمر بحمله إلى عند القاضى المالكى ليفعل به ما يوجب الشرع، وانتصر عبد البرّ عليه.
وفيه جاءت الأخبار بوفاة الناصرى محمد بن مبارك التركمانى الحلبى، نائب طرابلس، وكان ريسا حشما، وولى عدة وظائف سنية، منها نيابة البيرة، ونيابة حماة، ونيابة طرابلس. - وتوفى نائب قلعة دمشق يشبك الظاهرى السيفى على باى، وكان لا بأس به. - وفيه نزل السلطان للرماية، فلما عاد شقّ من القاهرة، وكان له يوم مشهود. - وفيه وقع بين الأمير يشبك الدوادار وبين خشقدم الوزير، حتى صرّح الأمير يشبك بعزل نفسه من الدوادارية، وأغلق بابه ولم يجتمع بأحد من الناس، حتى ركب إليه أمير كبير أزبك وجماعة من الأمراء، وتلطّفوا به حتى طلع معهم إلى القلعة، فأخلع عليه السلطان كاملية بصمّور، وأصلح بينه وبين خشقدم الوزير، وباس خشقدم يد الأمير يشبك، وخمدت تلك الفتنة التى بينهما. -