للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من النواب، وأما أنا فلا ألقى الله تعالى بحلّ وقف ولا بعمل استبدال، وقام من المجلس كالغضبان، فتأثّر السلطان منه فى الباطن.

وفيه جاءت الأخبار من حلب بأن الأمير يشبك بعث جماعة من العسكر إلى البيرة لقتال عسكر حسن الطويل، وقد بلغه أن حالهم تلاشى إلى الفرار، وأن حسن الطويل أرسل يكاتب الفرنج بأن يكونوا له عونا على قتال عسكر مصر، وهذا أول ابتداء عكسه كونه أرسل يستعين بالفرنج على قتال المسلمين. - وفيه جاءت الأخبار بأن ابن عثمان ملك الروم أرسل قاصده إلى الأمير يشبك، بأن يكون عونا للسلطان على قتال حسن الطويل، فأكرم القاصد وعيّن صحبته القاضى شمس الدين بن أجا قاضى العسكر، بأن يتوجّه إلى ابن عثمان وعلى يده هديّة حافلة ومكاتبة، وأن ينشئ بينه وبين السلطان مودّة بسبب أمر حسن الطويل.

وفى أواخر هذا الشهر وردت على السلطان مكاتبة من عند ابن الصوّا من حلب، يخبر فيها بأن الأمير يشبك قد انتصر على عسكر حسن الطويل ورحّلهم عن البيرة، وأن ولد حسن الطويل قد جرح جراحات بالغة، وآخر من أولاده أصيب فى عينه، ووقع بين الفريقين مقتلة مهولة؛ وقتل فى هذه المعركة شخص من الأمراء العشرات يقال له قرقماس العلاى المصارع، أمير آخور رابع، وهذا كان صهرنا (١)، وكان إنسانا حسنا دينا خيرا موصوفا بالفروسية والشجاعة، علامة فى الصراع، أصيب بسهم فى صدغه فمات لوقته، ولم يقتل فى هذه المعركة من العسكر سواه فقط؛ ثم رحل عسكر حسن الطويل عن البيرة، وقد أخذلهم الله تعالى بعد ما عدّوا من الفراة وطرقوا من البلاد الحلبية أطرافها، فردّهم الله تعالى عن المسلمين؛ وقد قالت الشعراء فى هذه النصرة عدة مقاطيع، فمن ذلك قول الشيخ شمس الدين القادرى:

أيا حسن الطويل بعثت جيشا … كأغنام وهنّ لنا غنايم

فنار الحرب قد سبكت سوارا … وأنت لسبكها لا شك خاتم

وقال الشهاب المنصورى فيه أيضا:


(١) صهرنا، يعنى صهر ابن إياس.