للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يكفيه حتى مات، وكان قد قارب التسعين سنة من العمر، وأصله من مماليك الناصر فرج بن برقوق، وكان متزوّجا بخوند شقرا ابنة أستاذه الناصر فرج، وكان أميرا جليلا حشما ريسا، وولى عدّة وظائف سنية، منها الأمير آخورية الكبرى، وأمرة مجلس، وأمرة السلاح، ثم بقى أتابك العساكر بمصر، وترشّح أمره إلى أن بلى السلطنة لما وثبت جماعة الأشرفية على الظاهر خشقدم، وأركبوه والصنجق على رأسه، ولقّبوه بالملك الناصر مثل أستاذه، فلم يتمّ له ذلك لقلّة سعده، ثم نفى عقيب ذلك إلى دمياط، ثم أحضر إلى القاهرة ومات بها، وجرى عليه شدائد ومحن، كما قد قيل فى المعنى:

إذا طبع الزمان على اعوجاج … فلا تطمع لنفسك فى اعتدال

وفيه جاءت الأخبار من حلب بأن الأمير يشبك الدوادار دخل إلى حلب، وكان له يوم مشهود، فلما استقرّ بحلب قدم عليه قاصد من عند حسن الطويل وعلى يده مكاتبة، شرحها أنه أرسل يطلب جماعته الذين (١) أسروا وسجنوا بحلب، وأنه إذا أطلقوهم يطلق من عنده من الأسراء، وكان عنده دولات باى المنجمى الذى كان نائب ملطية وجماعة آخرين، فلم يلتفت الأمير يشبك إلى ذلك القاصد، ولا أجابه عن ذلك بشئ.

وفى هذا الشهر توفى الزينى عبد الرحمن بن الكويز، الذى كان ناظر الخاص، وهو عبد الرحمن بن داود بن عبد الرحمن بن خليل، وكان أصلهم نصارى من الشوبك، وحضر جدّهم داود صحبة المؤيد شيخ، لما قدم إلى مصر، وكان عبد الرحمن ريسا حشما فى سعة من المال، وولى عدّة وظائف سنية منها: نيابة الإسكندرية، ثم ولى الأستادارية، ونظر الخاص، ثم جرى عليه شدائد ومحن وفرّ إلى بلاد ابن عثمان ملك الروم، وأقام هناك مدّة ثم عاد إلى مصر، وكان يدّعى أنه يعرف علم الحرف، وكان له نظم سافل، ومولده فى سنة ثمانمائة. - وفيه توفى نوروز الأشرفى كاشف الوجه القبلى، وكان لا بأس به.


(١) الذين: الذى.