للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى رمضان نزل السلطان إلى دار تمر حاجب الحجاب يعوده، وكان مريضا منقطعا عن الركوب، فسلّم عليه وعاد إلى القلعة. - وفيه وصل ركب من المغاربة من تونس، وكان صحبتهم الحرّة زوجة صاحب تونس، وحضر صحبتها قاضى الجماعة الشيخ أبو عبد الله محمد بن عمر القلجانى، وكان من فضلاء علماء المالكية، فأكرمه السلطان والأمراء، ورأى من العزّ والعظمة حظا وافرا. - وفيه صلبت على باب زويلة جارية سوداء قد قتلت سيدتها، فأمر القاضى المالكى اللقانى بصلبها حتى تموت.

وفيه توفى جانى بك قرا العلاى الأشرفى، أحد الأمراء العشرات، وشاد الشون، وكان لا بأس به. - وفيه توفى أيضا أرغون شاه أستادار الصحبة ونائب غزّة كان، وهو الذى قبض على الظاهر تمربغا لما تسحّب من دمياط، وكان أصله من مماليك الأشرف برسباى، وكان محمود السيرة. - وفيه كان ختم البخارى بالقلعة، وكان ختما حافلا، وأخلع فيه على القضاة ومشايخ العلم، وفرّقت الصرر على الفقهاء.

وفى شوال جاءت الأخبار بوفاة برقوق الناصرى الظاهرى نائب الشام، وكان أصله من مماليك الظاهر جقمق، وكان شجاعا بطلا مقداما فى الحرب، عارفا بأنواع الفروسية فى فنون لعب الرمح والرماية بالنشاب، وولى عدّة وظائف سنية، منها شادية الشراب خاناه، ثم تقدمة ألف، ثم ولى نيابة الشام ومات بها، وكان قد جاوز الستين سنة من العمر؛ فلما حضر سيفه كان السلطان على الدكة (١) بالحوش، فلما عرضوا عليه سيفه أظهر الحزن والبكاء وتأسّف عليه، وكان عنده بمنزلة الأخ؛ ثم أمر بإحضار أولاده وعياله إلى القاهرة، ثم رسم بنقل جثته إلى القاهرة ليدفن فى تربته التى بباب القرافة؛ وكان لبرقوق برّ ومعروف، وهو الذى أنشأ القبّة على ضريح الشيخ عمر بن الفارض رحمة الله عليه، وهو الذى قام فى القبض على شاه سوار، وقد تقدّم ذكر ذلك.

وفى هذا الشهر توفى أيضا الأتابكى جرباش كرت المحمدى الناصرى، وكان طرخانا فى داره بطالا حتى مات، وقد تقدّم أن السلطان أحضره من دمياط ورتّب له


(١) الدكة: الدكاه.