تمنّع من الولاية غاية التمنّع، فألزمه السلطان بذلك. - وفيه شفع الأتابكى أزبك فى قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة، فنقل إلى بيت كاتب السرّ حتى يقيم حساب أوقاف الحنفية.
وفى جمادى الأولى توفى دقماق الأشرفى الأينالى نائب القدس، وكان شابا حسن الشكل موصوفا بالشجاعة. - وفيه جاءت الأخبار من عند نائب حلب، بأن حسن بك الطويل ملك العراقين قد جمع من العساكر ما لا يحصى، وهو زاحف على بلاد السلطان، وقد بعث ولده محمد مع عسكر ثقيل، وقد وصلوا إلى الرها، فكثر القال والقيل بين الناس بسبب ذلك، فما صدّق العسكر متى خمدت عنهم فتنة شاه سوار، فانتشى لهم فتنة حسن الطويل، وزاد الكلام بين الناس بأن هذا ما هو مثل شاه سوار، وأن هذا ما يطاق جدا، فقلق السلطان والعسكر لهذا الخبر، فكان كما قيل فى المعنى:
شكوت جلوس إنسان ثقيل … فجاءنا آخر من ذاك أثقل
فكنت كمن شكى الطاعون يوما … فجاء له على الطاعون دمّل
وفى جمادى الآخرة عيّن السلطان تجريدة إلى حسن بك الطويل، وعيّن بها من الأمراء المقدمين ثلاثة، وهم: جانى بك قلقسيز أمير سلاح، وسودون الأفرم، وقراجا الطويل الأينالى، وعدّة من الأمراء الطبلخانات والعشرات، ومن الجند نحوا من خمسمائة مملوك؛ فلما عيّنهم نفق عليهم وأمرهم بالمسير إلى حلب سرعة من غير تأخير. - وفيه وقع تشاحن عظيم بين الأمير يشبك الدوادار وبين خاير بك من حديد، وذلك بحضرة السلطان، وكان سبب ذلك لأجل صحصاح الكاشف، فإنه وقع بينه وبين الأمير خاير بك بسبب بلاده التى فى الفيوم، فتعصّب الأمير يشبك لصحصاح، فوقع بينهما ما لا خير فيه.
وفيه أخرج السلطان تقدمة سودون الأفرم، وقد استعفى من السفر إلى حسن الطويل، فلما أخرج عنه التقدمة أنعم بها على قجماس الإسحاقى، ورتّب لسودون الأفرم ما يكفيه، وبقى طرخانا مقيما فى داره. - وفيه شفع فى جانى بك المشد الأشرفى برسباى، وكان مقيما بالقدس بطالا، فحضر إلى القاهرة ورتّب له