للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشبك فخلّصه من الشنكلة؛ ثم توجّهوا بالبقية إلى بركة الكلاب فوسّطوهم أجمعين واستمرّ سوار معلقا حتى مات هو وإخوته، فاستمروا معلقين يوما وليلة والناس ينظرون إليهم، ثم أنزلوهم وغسلوهم وكفنوهم وصلّوا عليهم، وتوجّهوا بهم إلى تل عال بالقرب من زاوية كهنبوش فدفنوهم هناك.

ثم قلعوا الزينة وخمدت فتنة سوار كأنها لم تكن، بعد ما ذهب عليه أموال وأرواح، وقتل جماعة كثيرة من الأمراء، وكسر العسكر ثلاث مرات ونهب بركهم وقد انتهكت حرمة سلطان مصر عند ملوك الشرق وغيرها، حتى الفلاحين طمعوا فى الترك وتبهدلوا عندهم، بسبب ما جرى عليهم من سوار، وكادت أن تخرج المملكة عن الجراكسة، وقد أشرف سوار على أخذ حلب، وقد خطب له فى الأبلستين، وضربت هناك السكة باسمه، ولولا لطف الله تعالى بالناس وأخذل سوارا لفسدت أحوال المملكة جدا.

وكان صفة سوار جميل الصورة حسن الشكل، مستدير الوجه، أبيض اللون، مشرّب بحمرة، أشهل العينين، أسود اللحية، معتدل القامة، ضخم الجسد، وكان فى عشر الأربعين من العمر، وكان عليه مخايل الحشمة والرياسة، يقرب فى الشكل من القاضى ناظر الخاص تاج الدين بن المقسى، وكان شجاعا بطلا، وكان له سعد خارق فيما وقع له من النصرة على عسكر مصر غير ما مرّة، وكان من أعظم أولاد ذلغادر، وقد وقع له ما لا وقع لأحد من أجداده قبله؛ وقد شقّ على الأمير تمراز قتل سوار على هذا الوجه، واستمرّ غضبانا مدّة، فكان الأمير تمراز الشمسى يقول لأصحابه: والله كلما مررت من على قبر سوار فأستحى منه، فإنه أركن إلىّ ونزل معى، فغدروا به وقتلوه، وقد حلفت له؛ وفى واقعة سوار يقول الشهاب المنصورى:

يا أيها الملك الذى سطواته … تغنى عن العسّال والبتّار

علّق سوارا فوق باب زويلة … إن كنت منه آخذا بالتار

فلأنت تعلم أنّ ذلك معصم … ما كنت تتركه بغير سوار