فشق الأمير يشبك من القاهرة وهو فى موكب حافل، وقدّامه الأمراء ممن كان معه فى التجريدة، وسارت الأطلاب أمامه شيئا فشيئا، واصطفّت الناس على الدكاكين للفرجة عليه، ولاقته المغانى من رجال ونساء من باب النصر إلى سلم المدرج، والكوسات عمالة بالقلعة، والطبل والزمر مصفوفا على الدكاكين، فكان له يوم مشهود بالقاهرة، قلّ أن يقع مثله فى الفرجة، فكان من نوادر الزمان.
واستمرّ الأمير يشبك فى ذلك الموكب حتى طلع إلى القلعة، فعمل السلطان الموكب بالقصر الكبير، فدخل عليه الأمراء هناك وقبّلوا له الأرض، ثم انتقل إلى الإيوان فجلس به، وكان من حين جدّد معالمه لم يجلس به سوى فى ذلك اليوم، فقصد يعرض سوارا هناك، فتزاحمت عليه الناس، فانتقل السلطان إلى الحوش وجلس على الدكة وطلب سوارا هناك، فلما مثل بين يديه وبخّه بالكلام وعاتبه عتابا لطيفا، وسوار ساكت لم يتكلم؛ ثم إن السلطان رسم بتسليم سوار إلى يشبك من حيدر والى القاهرة، فتسلّمه هو وإخوته ثم أخرجوا أخاه يحيى كاور الذى كان فى البرج، وقد قبض عليه قبل ذلك وأحضروه إلى القاهرة، فسجن بالبرج إلى أن قبض على سوار.
فلما تسلّمه الوالى نزع الخلعة من عليه فى الحال، وأحضر له بجمل فأركبه له، وألبسه ملوطة بيضاء، وجعل فى عنقه طوق حديد وفيه جرس فى سيخ حديد طويل، كما رسم السلطان بذلك، ثم سمّروا إخوته وأقاربه على جمال وهم عراية ورءوسهم مكشوفة، وكان فيهم إخوة سوار الأربعة وهم: أردوانة الأحذب، وخدادا، ويحيى كاور، وسلمان، وجماعة من أمرائه، فلما سمّروهم وأركبوهم على ظهور الجمال نزلوا بهم من الصليبة، والمشاعلية تنادى عليهم: هذا جزاء من يخامر على السلطان.
فاستمروا على ذلك حتى وصلوا إلى باب زويلة فشنكلوا سوارا وعلّقوه فى وسط باب زويلة، وأخاه يحيى كاور عن يمينه، وأردوانة عن شماله، وعلّقوا خدادا داخل الباب؛ وأما سلمان فكان أمردا مليح الشكل فرقّ له الناس، فشفع فيه الأمير