للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن الأمير يشبك ثبت وقت الحرب، فزحف العسكر على عسكر شاه سوار، فكان بين الفريقين ساعة تشيب منها النواصى، فانكسر عسكر سوار كسرة قوية، وقتل منه ما لا يحصى عددهم، فولّوا مدبرين، وكانت النصرة لعسكر مصر على عسكر سوار، فكان كما يقال فى المعنى:

جيوشنا كالأسود أضحت … تقتحم الحرب بالعزايم

وسيف سلطاننا طويل … له نفوس العدا غنايم

فالنصر بالفتح مذ أتاه … صيّر قلب الحسود وارم

فيا له فى الورى مليك … لقمع أهل الفساد صارم

قيل لما ثار الحرب فكان أول من ألقى نفسه بفرسه فى النهر الأمير تمراز الشمسى، فلما رأوه العسكر ألقوا أنفسهم فى النهر قاطبة، فحطم تمراز فى عسكر سوار بنفسه فمزّقهم، فما شعر حتى جاءه سهم نشاب فى يده فانخشّ له ورجع إلى الوطاق؛ ثم إن العسكر حطم على عسكره سوار فكسره، فلما رأى سوار الكسرة عليه هرب فى نفر قليل من عسكره وطلع إلى قلعة زمنطوا فاختفى بها؛ فلما بلغ الامير يشبك أن سوارا فى قلعة زمنطوا حاصرها أشدّ المحاصرة، ورمى عليها بالمدافع، واستمرّ يحاصرها حتى كان من أمره ما سنذكره فى موضعه، فأخلع السلطان على القاصد الذى جاء بهذه البشارة، وكذلك الأمراء أخلعوا عليه. - وفيه انشرح السلطان لهذا الخبر ونزل إلى الرماية وغاب يوما وليلة، فلما عاد طلع من الصليبة فى موكب حافل. - وفى هذا الشهر خسف جرم القمر جميعه، وكان خسوفا فاحشا.

وفى رجب شرع السلطان ينزل إلى الاصطبل، وصار يحكم به كل يوم سبت وثلاثاء، فتكاثرت عليه المحاكمات، وتزايدت شكوى الناس إليه، فوقف شخص يقال له محمد القلّينى النقلى، فاشتكى فى ناظر الخاص تاج الدين بن المقسى، وكان السلطان متحملا عليه فأمر بضربه بالمقارع بين يديه (١)، فعراه من أثوابه وضربه نحوا


(١) يديه: يده.