للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عشرين شيبا، حتى أدمى من أجنابه، وكان يوما شديد البرد جدا، ثم أمر بسجنه فى البرج الذى بالقلعة، فطلع وهو ماشى من باب السلسلة إلى البرج عريانا مكشوف الرأس والدم يسيل من أجنابه، فعدّ ذلك من مساوئ الأشرف قايتباى.

وفيه ضرب إنسان من أولاد الناس امرأة بسكين فى جنبها، وهى ماشية بين الناس فى وسط الطريق، فماتت فى الحال، فلما تحقّق موتها هرب، ولم يعلم ما سبب ذلك. - وفيه نزل السلطان إلى نحو المطرية، ثم عاد من على قنطرة الحاجب، فأذن عليه المغرب عند ما وصل إلى المدرسة الجيعانية التى بالقرب من بركة الرطلى، فنزل وصلّى المغرب هناك خلف من صلّى من العوام، وكان الإمام فى ثانى ركعة، فصلّى مع الجماعة، فلما فرغت الصلاة وجد الإمام صبيا أمرد، فأعاد الصلاة ثانيا، ثم ركب من هناك وطلع إلى القلعة.

وفيه رسم السلطان ليشبك الجمالى المحتسب بأن ينادى فى القاهرة، بأن امرأة لا تلبس عصابة مقنزعة، ولا سراقوش حرير، وأن تكون ورقة العصابة طولها ثلث ذراع، وهى بختم السلطان من الجانبين، وكتب بذلك قسائم على من يبيع أوراق النساء، وصمّم السلطان على يشبك المحتسب فى تكرير المناداة بذلك، وصارت (١) رسل المحتسب يطوفون فى الأسواق، فإن وجدوا امرأة بعصابة مقنزعة أو سراقوش يضربونها، ويجرّ سونها والعصابة معلّقة (٢) فى رقبتها، فقلقن النساء من ذلك، وصارت الامرأة إذا خرجت إلى حاجة تكشف رأسها وتمشى بلا عصابة، أو تلبس عصابة طويلة، فلما طال عليهن الأمر لبسن العصايب الطوال التى رسم بها السلطان، فيلبسونها إذا خرجن إلى الأسواق فقط على كره منهن، ويلبسن العصايب المقنزعة فى بيوتهن، وفى هذه الواقعة يقول الأديب زين الدين بن النحاس الشاعر، وهو قوله:

أمر الإمام مليكنا بعصايب … فى لبسها عسر على النسوان

فقلقن ثم أطعنه ولبسنها … ودخلن تحت عصايب السلطان

فاستمرّوا على ذلك مدّة يسيرة، ثم رجعن إلى ما كنّ عليه من لبس العصايب


(١) وصارت: وصار.
(٢) معلقة: معلقا.