للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضافا لما بيده من الدوادارية الكبرى والوزارة وكشوفية الكشاف، فعظم أمره جدا وما أظن أن هذه الوظائف قط جمعت فى أحد من الأمراء قبله، فكان الإنسان إذا مرّ ببابه يستعيذ بالله من هول ما يرى من الظلمة الذين (١) ببابه؛ فلما ولى يشبك الأستادارية قبض على مجد الدين بن البقرى، وشرف الدين بن كاتب غريب، وطلب منهما مال، فتضاعف أمر ابن البقرى على خمسة آلاف دينار، وأما ابن كاتب غريب فإنه أظهر العجز وحلف أنه لا يملك شيئا وكان متمرّضا، فرسم السلطان بحمله إذ البرج الذى بالقلعة فسجن به.

وفى هذا الشهر خرج العسكر المعيّن إلى سوار، فخرجوا من القاهرة فى تجمّل زائد، وطلّبوا أطلابا حافلة، فخرج الأتابكى أزبك باش العسكر، والأمير قرقماس الجلب أمير مجلس، وسودون القصروى رأس نوبة النوب، وتمر حاجب الحجاب وقراجا الطويل الأينالى، ومن الأمراء الطبلخانات والعشرات عدّة وافرة، وهم الجند نحو من ألف وخمسمائة مملوك، وخرج قبل ذلك أزدمر الطويل ومعه خمسمائة فصار الطاعون عمّالا والتجريدة خارجة، والعسكر فى غاية الضرر على أولادهم وعيالهم ومات من العسكر فى أثناء الطريق جماعة كثيرة بعد خروجهم من الريدانية؛ وإن السلطان نزل تحت الليل إلى الأتابكى أزبك، وأقام عنده ساعة وود وعاد إلى القلعة، كل ذلك تحت الليل، ولم يشعر به أحد من الناس.

وفيه توفى الأديب البارع الفاضل الشهاب بن صالح، وهو أحمد بن محمد بن؟؟؟ ابن عثمان بن محمد بن محمد الشافعى، وكان عالما فاضلا شاعرا ماهرا من فحول الشعراء، وله نظم جيّد حسن السبك، ومولده سنة عشرين وثمانمائة، ومن شعر الرقيق فيمن أهدى إليه بطيخا وقطرا فأنشأ يقول:

بعث إلىّ بطيخا وقطرا … يشابه ذاك هذا فى الصفات

هما نوعان عند الذوق كل … تولّد فى الحقيقة من نبات

وقوله أيضا:


(١) الذين: التى.