للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى القضاء مدّة، ثم ترك ذلك ولازم العبادة والتصوّف حتى مات.

وفيه أكمل السلطان تفرقة النفقة على العسكر المعيّن إلى تجريدة سوار، ثم ابتدأ بتفرقة الجمال، ثم عجّل لهم جامكية أربعة أشهر، وأعطاهم الكسوة أيضا، وأرضاهم بكل ما يمكن؛ ووقع يوم تفرقة الجمال نادرة غريبة، وهو أن الهجّانة لما أحضروا الجمال وساقوها إلى الميدان، تزاحمت عند باب الميدان وقت دخولها، فمات منها فى ساعة واحدة نحو من ثلثمائة بعير، فتشاءم الناس لذلك، وصرّحوا بعدم نصرة العسكر، وكذا جرى. - وفيه كان ابتداء وقوع الطاعون بالقاهرة، وهو أول طاعون وقع فى دولة الأشرف قايتباى.

وفى شعبان توفى قاضى القضاة المالكى حسام الدين بن حريز، وهو محمد بن أبى بكر بن محمد بن حريز بن أبى القاسم (١) الهاشمى القرشى العلوى الحسنى، وكان أصله مغربى من طربطاى، ثم انتشى بمنفلوط وولى القضاء بها مدّة، وكان عالما فاضلا، جوادا سمحا فى سعة من المال، سمع على ولى الدين العراقى وابن عياش وغيرهما من العلماء، وآل أمره إلى أن ولى القضاء الأكبر بمصر، وصفا له الوقت وطالت أيامه بها، وعظم أمره فى القضاء، وكان مولده سنة أربع وثمانمائة، وكان يعاب بكثرة القيام فى أغراض نفسه؛ ولما مات ولى بعده أخوه سراج الدين عمر فقرّر فى قضاء المالكية عوضا عن أخيه. - وتوفى المسند شمس الدين محمد بن النقاش الوفاى الصوفى الشافعى، سمع الحديث من والده الشيخ سراج الدين عمر بن عمر بن حسن.

وفيه تزايد أمر الطاعون جدا، وعمل فى الأطفال والمماليك والعبيد والجوار والغرباء عملا ذريعا حتى عظم الأمر فى ذلك، وفيه يقول الشهاب المنصورى:

يا نعم عيشة مصر … وبئس ما قد دهاها

لما فشى الطعن فيها … حاكى السهام وباها

وفيه أخلع السلطان على المقر السيفى يشبك الدوادار، وقرّره فى الأستادارية،


(١) القاسم: القاشم.