وفيه قبض السلطان على الشهابى أحمد بن العينى وسجن بالقلعة أياما ليردّ بقية المال الذى كان قد قرّر عليه، فأقام بالقلعة أياما حتى حمل ما عليه من المال المقرّر، فعند ذلك أخلع عليه السلطان ونزل إلى داره. - وفيه نفق السلطان على العسكر لكل مملوك مائة دينار، ثم أرسل نفقات الأمراء، فبعث للأتابكى أزبك خمسة آلاف دينار، وللأمير قرقماس الجلب أمير مجلس ثلاثة آلاف دينار، ولكل أمير مقدّم ألف ألفى دينار، وحمل للأمراء الطبلخانات لكل واحد خمسمائة دينار، وللأمراء العشرات لكل واحد مائتى دينار، فكان جملة ما صرف على هذه التجريدة نحو من أربعمائة ألف دينار.
فلما كان يوم الموكب طلع قرقماس الجلب إلى القلعة وطلب من السلطان الإعفاء من السفر، وأظهر العجز، وسأل أن يكون طرخانا، فى أى مكان اختاره السلطان، فلم يجاب إلى ذلك، بل وخاشنه السلطان فى اللفظ وألزمه بالسفر وأكّد عليه، فلما نزل إلى داره كثر القال والقيل بأن ستكون فتنة، فلما بلغ السلطان ذلك لم أكترث به، ونزل إلى خليج الزعفران وأقام به إلى آخر النهار، ثم عاد إلى القلعة وبطلت تلك الإشاعة.
وفى رجب حضر من البحيرة الأتابكى أزبك، فلما نزلت له النفقة تمنّع من السفر، وزعم أنه لا يطيق مماليك السلطان إذا عمل باش العسكر، فلا زال السلطان يتلطّف به حتى أجاب إلى السفر وقبل منه النفقة. - وفيه وصل قاصد حسن الطويل وعلى يده هديّة للسلطان، ومكاتبة تتضمّن ما ملكه من ملك العراقين، وعلى يده عدّة مفاتيح لعدة حصون وقلاع، وأرسل يتملّق للسلطان بأن كل ما ملكه من البلاد هو زيادة فى ممالك السلطان، وأنه النائب عنه فيها، فأكرم السلطان قاصده وأضافه، وأخلع عليه كاملية حافلة، وأرسل إلى حسن الطويل هديّة سنيّة، وأذن للقاصد بالسفر؛ وكان هذا من حسن الطويل عين الخداع لما يأتى منه من بعد ذلك. - وفيه توفى القاضى معين الدين بن الطرابلسى الحنفى، وهو محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن أبى بكر الطرابلسى، وكان عالما فاضلا ناب