الناس، وجاءت الأخبار بفشاء الطاعون بإقليم البحيرة. - وفى هذا الشهر توفى الطواشى شاهين غزالى الظاهرى الرومى، وكان بارعا فى الجمال، وافتتن به الكثير من النساء والرجال، وكان حسن الشكل، وافر العقل، كثير الأدب، حشما فى نفسه، وكان فى سعة من المال غاوى متجرا، وكان منهمكا فى ملاذ نفسه؛ فلما مات نزل السلطان وصلّى عليه، ثم توجّه من المصلاة إلى بركة الحبش وأقام بها إلى آخر النهار، ثم عاد إلى القلعة؛ وفى شاهين غزالى يقول الشهاب المنصورى:
قد صاغك الله من لطف ومن كرم … وزاد حسنك بالإحسان تزيينا
فاخفض جناح الرضى واصطد طيور دعا … من جوّ إخلاصنا إن كنت شاهينا
وقال آخر فى شاهين غزالى:
أيها العشّاق اصغوا * واسمعوا حسن مقالى … كل عاشق لو غزال * وأنا شاهين غزالى
أعجوبة: نقل شيخنا الشيخ عبد الباسط بن خليل الحنفى فى تاريخه، أن شخصا من الجند، يقال له يوسف السيفى يشبك الصوفى، خرج ليسيّر نحو الجبل المقطم، فرأى حصاة مرمية على الأرض فأخذها، فإذا عليها مكتوب بخط جيد: قد قرب الوقت اعتبروا واتّقوا الله، وهى كتابة بغير نقط ولا شكل، فأحضرها بين يدى الشيخ أمين الدين الآقصراى حتى رآها وتعجّب من ذلك، ولكن طعن فيها بعض الناس، وقال إنها مصنوعة، والله أعلم بحقيقة ذلك.
وفيه عرض السلطان العسكر وأخذ فى أسباب خروج تجريدة ثقيلة إلى سوار، وهى التجريدة الثانية، فعيّن باش العسكر الأتابكى أزبك من ططخ، وقرقماس الجلب أمير مجلس، وسودون القصروى رأس نوبة النوب، وتمر حاجب الحجاب، وقراجا الطويل الأينالى؛ ومن الأمراء الطبلخانات خاير بك من حديد، وجانى بك الزينى؛ ومن الأمراء العشرات زيادة على العشرين أميرا، ثم رسم لأولاد الناس من أراد منهم السفر يسافر، ومن لم يسافر يحمل لبيت المال مائة دينار ليقوم بديل عنه بها، وهذا لمن له جامكية وإقطاع، ومن لم يكن له إقطاع وله جامكية ألف درهم يحمل خمسة وعشرين دينارا.