وفى هذا الشهر جاءت الأخبار من حلب، بأن شاه سوار قد قويت شوكته، والتفّ عليه جماعة كثيرة من التركمان، فكسر العسكر الشامى والحلبى، وقتل جماعة كثيرة من الأعيان، واستولى على عدّة مدن وقلاع؛ وأسر برد بك البجمقدار، نائب الشام؛ وقتل قانى باى الحسنى المؤيّدى، نائب طرابلس، وكان إنسانا حسنا لا بأس به، مات وله من العمر زيادة على سبعين سنة؛ وقتل قراجا الظاهرى الخازندار، أتابك دمشق، وكان أميرا ديّنا خيّرا، رومى الجنس، حشما رئيسا، كان حاجب الحجّاب بمصر، ثم نفى إلى القدس بطّالا، ثم أفرج عنه وقرّر فى الأتابكية بدمشق، وخرج مع نائب الشام، فقتل فى المعركة؛ وقتل أيضا نوروز المحمدى، أحد مقدّمى الألوف بحلب؛ وقتل كرتباى الأشرفى، أحد أمراء طرابلس؛ وقتل مامش من قصروه الأشرفى، أحد أمراء طرابلس أيضا؛ وقتل أيضا شاد بك فرفور الأشرفى، أتابك حماة؛ وقتل أيضا بكبلاط الأينالى، أحد أمراء طرابلس، وكان شابا جميل الصوره؛ وقتل أيضا ألماس الأشرفى، أتابك حلب؛ وقتل محمد غريب، الأستادار بحلب؛ ومحمد بن جلبان، أحد أمراء دمشق؛ وقتل من العسكر ما لا يحصى، وإنما ذكرنا هنا أعيان من قتل فى المعركة؛ وهذا أول استظهار شاه سوار على العسكر السلطانى، وأول فتكه بهم، واستمرّت هذه الفتنة تتزايد، حتى صار من أمرها ما سيأتى الكلام على ذلك.
وفيه عمل السلطان المولد النبوى، وكان غير حافل. - وفيه نودى للعسكر بأن نفقة البيعة يكون فى أول الشهر الجديد. - وفيه عيّن السلطان جماعة من أعيان الخشقدمية، منهم برسباى قرا، وجكم قرا، وطومان باى، بأن يتوجّهوا إلى الوجه القبلى، بالقبض على قرقماس الجلب، أمير سلاح، وقلمطاى الإسحاقى، وأرغون شاه، أستادار الصحبة، وكلهم أشرفية برسبيهية؛ فتوجّهوا هؤلاء وقبضوا على الأمراء المذكورين، وتوجّهوا بهم إلى السجن بثغر الإسكندرية.
وفيه رجع إلى القاهرة الأمير أزبك من ططخ، رأس نوبة النوب، والأمير جانى بك قلقسيز، حاجب الحجّاب، وقد تقدّم أنهما توجّها إلى العقبة، بسبب فساد عربان