للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهابى أحمد بن العينى، أمير آخور كبير، فاجتمع الأتابكى يلباى، رأس المؤيّدية، والمقر السيفى تمربغا أمير مجلس، رأس الظاهرية، وحضر الأمير خاير بك الدوادار الثانى، وهو رأس الخشقدمية، وقد صار هو المشار إليه فى المجلس، وحضر جماعة من الأمراء المقدّمين، فاشتوروا فيمن يلى السلطنة إذا مات السلطان، فصار جماعة من الخشقدمية مع ابن العينى، وجماعة مع خاير بك، فطال الكلام فى ذلك، فقال الأمير تمربغا: «إن أمير كبير يلباى أحقّ بالسلطنة من كل أحد»، فوافقه سائر الأمراء على ذلك، وقد ترشّح أمر الأتابكى يلباى إلى السلطنة، فانفضّ المجلس على ذلك، وقامت الأمراء وتوجّهوا إلى بيوتهم، وكان الأمير تمربغا بيمهّد (١) لنفسه، فقصد سلطنة يلباى حتى يشيله من قدّامه، ويتسلطن هو من بعده، وكذا جرى.

فلما كان يوم السبت، بعد الظهر، وهو اليوم العاشر من ربيع الأول سنة اثنتين (٢) وسبعين وثمانمائة، فيه كانت وفاة (٣) السلطان الملك الظاهر أبى سعيد خشقدم، توفّى إلى رحمة الله تعالى، وزال ملكه كأنه لم يكن، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يتغيّر؛ فكانت مدّة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية، ست سنين وخمسة أشهر وواحد وعشرين (٤) يوما، بما فيه من مدّة توعّكه وانقطاعه.

فلما أشيع موته ماجت القاهرة، وبادر الأمراء بالصعود إلى القلعة، وصعد الأتابكى يلباى، وهو بتخفيفة صغيرة، غير مزرّر الطوق، وهو يبكى؛ فلما تكامل صعود الأمراء، أخذوا فى أسباب تجهيز السلطان، فغسّلوه وكفّنوه وأخرجوا نعشه، وصلّى عليه بباب القلّة، ونزلوا به من سلّم المدرج فى نفر قليل من المماليك والخدّام، ولم يكن معه أحد من الأمراء، فتوجّهوا به إلى تربته التى أنشأها بالصحراء، فدفن بها، وكان دفنه بعد العصر من يوم السبت المذكور، وانقضت أيامه كأنها لم تكن.


(١) بيمهد: كذا فى الأصل.
(٢) اثنتين: اثنين.
(٣) وفاة: وفات.
(٤) وواحد وعشرين: وأحد وعشرون.