للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه وقعت حادثة، وهو أن شخصا من مماليك السلطان، يقال له أصباى، قتل إنسانا من الحاكة، بالضرب بين يديه بغير حقّ، بل بسبب الأطرون، وقد أرمى عليه أطرونا من غير عادة، فوقع بسبب ذلك فتنة كبيرة، ووقف أولاد القتيل للسلطان، فألزم السلطان أصباى بأن يرضى أولاد القتيل بألف دينار، وأرسل خلف صاحب الأطرون الذى أرماه على الحائك، فلما مثل بين يديه أمر بتوسيطه، حتى خمدت هذه الفتنة قليلا. - وفيه قرّر فى قضاء الشافعية بحلب، البدرى محمود المعرى، وصرف عنها أبو البقا (١) بن الشحنة.

وفى جمادى الأولى، فى نصفه، صرف البدرى أبو السعادات بن البلقينى عن القضاء، وقد تغيّر خاطر السلطان على أبى السعادات، وكان قليل الدربة، سيئ التصرف فى أفعاله، فكانت مدّة إقامته فى القضاء نحو خمسة أشهر، وقد تكلّف على هذه الولاية مالا (٢) له صورة، ولم يثبت فى القضاء سوى هذه المدّة اليسيرة، وعزل عنها؛ ثم إن منصب القضاء أقام بعده شاغرا مدّة أيّام، فكان القاضى كاتب السرّ أبو بكر بن مزهر، فى هذه المدّة متكلّما فى الأحكام الشرعية، على المكاتيب وغير ذلك من الأمور الشرعية، انتهى ذلك. - وفيه خرج المقرّ الشهابى أحمد بن العينى إلى السرحة، وكان لخروجه يوم مشهود (٣).

وفيه، فى ليلة الاثنين ثانى عشره، توفّى قاضى القضاة، علاّمة عصره، شرف الدين يحيى المناوى، وهو يحيى بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن مخلوف بن عبد السلام القاهرى الشافعى، وكان إماما عالما فاضلا، ديّنا خيّرا، ورعا زاهدا، أخذ العلم عن ابن الكويك، والشيخ ولى الدين العراقى، وغير ذلك من مشايخ العلم، وكان من أعيان علماء الشافعية، ولى القضاء الأكبر غير ما مرّة، وكان حسن السيرة فى القضاء، ومولده سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. - وفيه توفّى قانم نعجة


(١) أبو البقا: أبى البقا.
(٢) مالا: مال.
(٣) يوم مشهود: يوما مشهودا.