للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن العينى فى الرئاسة بمصر، وأطلق عليه: «سيدى ابن بنت السلطان»؛ فلما انقضت تلك الليلة، لهجوا الناس بأن هذه تمام سعد الأمير جانى بك، وكذا جرى، فكان بين تلك الوليمة وقتلته أربعة أيام، كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه.

فلما كان يوم الثلاثاء ثامن ذى الحجّة (١)، قال السلطان لجانى بك نائب جدّة:

«بادر إلىّ بالطلوع يوم الثلاثاء، فإن قصدى أقبض على جماعة من خشداشينى المؤيّدية»، وكان الأمر بخلاف ذلك؛ ومن ملخّص هذه الواقعة، أنّ الظاهر خشقدم لما ثقل عليه أمر جانى بك نائب جدّة، ورأى الظاهرية قد التفّوا عليه قاطبة، وأشيع عنه الوثوب على السلطان، فاجتمع السلطان بخشداشينه المؤيّدية، مثل: قانم التاجر، وقنبك المحمودى، وغير ذلك من المؤيّدية، وضربوا مشورة فى أمر جانى بك، فأشار قانم التاجر على السلطان، بأن يجتمع بالأمير جانى بك، ويشكو (٢) له من قانم التاجر، وقنبك المحمودى، ومهما قاله له فى حقّهم يردّ الجواب على الأمير قانم بذلك.

فلما طلع الأمير جانى بك إلى القلعة، فوجد السلطان كاظما (٣)، فسأله عن سبب ذلك، فأخذ السلطان يشكو (٤) له من قانم التاجر، ومن بقيّة خشداشينه، بأنهم قد طمعوا فى حقّه، وصاروا يعاكسونه فى الأمور، فقال جانى بك: «نحن نقبض عليهم بالقصر، كما فعلنا بالأشرفية»، فقال له السلطان: «ما يشكرنى على ذلك أحد، كونهم خشداشينى»، فقال له جانى بك: «سلّط عليهم المماليك الجلبان يقتلونهم، واعتذر للأمراء عن ذلك، أنه لم يكن باختيارك، وإذا قتلوهم لم تنتطج فى ذاك شاتان (٥)»، فاتّفقا على ذلك؛ فأرسل السلطان يعلم الأمير قانم بما قاله جانى بك، فقال قانم للسلطان: «الذى أشار به جانى بك فى قتلنا، افعله أنت به»؛


(١) ثامن ذى الحجة: كذا فى الأصل، وكذلك فى بولاق ج ٢ ص ٧٦. وفى صفحات لم تنشر، ص ١٢٨: أول ذى الحجة، وذلك نقلا عن المراجع المذكورة به فى الحاشية رقم ١.
(٢) ويشكو: ويشكوا.
(٣) كاظما: كاظم.
(٤) يشكو: يشكوا.
(٥) شاتان: شاتين.