للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ذى القعدة، كان وفاء النيل فى تاسع مسرى، فلما أوفى (١)، رسم السلطان للأمير جانى بك نائب جدّة بأن يكسر السدّ، ومعه الشهابى أحمد بن العينى، فتوجّها إلى المقياس، وخلقّا العمود بحضرتهما، ثم نزلا فى الحرّاقة، وفتحا السدّ على العادة، وكان لهما يوم مشهود. - وفيه قرّر فى نيابة الكرك حسن بن أيوب، وصرف عنها مبارك شاه.

وفيه كان نهاية عمارة القبّة، التى أنشأها الأمير جانى بك نائب جدّة فى منشية المهرانى، فلما كملت عمارتها، عمل لها وليمة حافلة، فى ليلة الجمعة سادس عشرين هذا الشهر، وأوقد بها وقدة حافلة على شاطئ النيل، ونصب هناك صوارى، وعلّق بها قناديل؛ فلما أشيع ذلك بين الناس، جاءت الخلائق إلى هناك زمرا فى البرّ والبحر بسبب الفرجة، وتزاحمت هناك المراكب، وكانت ليلة حافلة، قلّ أن يقع مثلها فى الفرجة والقصف.

وكان الأمير جانى بك عزم على السلطان خشقدم، بأن ينزل إليه، ويبات عنده فى القبّة، فأجابه السلطان خشقدم إلى ذلك، فلم يمكّنه (٢) جماعته من ذلك، وخيّلوه من جانى بك، فأرسل إليه ربيبه، الجناب الشهابى أحمد بن العينى، إلى القبّة تلك الليلة، فحضر، وحضر جماعة من أعيان الدولة، ما عدا الأمراء المقدّمين الألوف، فإنه لم يعزم عليهم، وقرأ فى تلك الليلة هناك ختمة، ومدّ أسمطة حافلة، وحضر قرّاء البلد جميعا؛ وحضر الريّس إبراهيم بن الجندى. المغنّى، وعلى بن رحاب المغنّى؛ فتعصّب الأمير جانى بك فى تلك الليلة لابن رحاب، على إبراهيم بن الجندى، وكان هذا أول شهرة ابن رحاب بالغناء (٣) من يومئذ.

فبات ابن العينى عند الأمير جانى بك تلك الليلة، فلما أراد الانصراف من عنده، قدّم إليه تقدمة حافلة، ما بين خيول، وبين قماش، وغير ذلك؛ وهذا أول ظهور


(١) أوفى: أوفا.
(٢) فلم يمكنه: فلم يمكنونه.
(٣) بالغناء: بالغنى.